هل سيتحول الكتاب لقبيلة؟!
التضامن الجمعي للكتاب مبني على عصبة ثقافية وفكرية، وهي نقيضه لعصبة الدم والأحلاف المبنية عليها المنظومة القبلية، وهذا التضامن الجمعي للكتاب صورة من صور التحول الثقافي في عمان، وقد وفق د/عبدالله الحراصي إلى لفت الانتباه من خلال مقاله "قبيلة الكتاب" لقضية بالغة الأهمية وهي الصراع بين عصبتين مختلفتين داخل مجتمعنا العماني والسؤال هو: هل سيتحول التضامن الجمعي للكتاب لـ"قبيلة" أم سينجح في ظهور منظومة جديدة معاكسة ومشاكسة للمنظومة القبلية؟!
فقد كانت القبيلة ولازالت إلى حد كبير تهدف إلى حماية أفرادها يعني إذا تعرض الفرد لأذى تحاول إيقاف الأذى ومنع استمرارية وقوعه على الفرد،وإذا أتت متأخرة تكشر عن ساعد الانتقام وتعمل سيفها في كل أفراد القبيلة الأخرى دون تحري للفاعل والمفعول ناهيكم عن المصدر، فالقبيلة إذا لا تتدخل إلا بعد وقوع الأذى كما أنها لا تعنى بجوهره ولا تسعى لمنعه مستقبلا فتدخلها آني و مؤقت،و بعد رفع الأذى أو الانتقام ينفض تضامن القبلية وتعود مجرد أفراد كل يغني على ليلاه.
قبل كتابة هذا المقال أخذت أقرأ ما كتب عدد كبير من الأخوة الأفضال الكتاب وكنت بنشوة الحماس والعصبة الثقافية والفكرية لهم،ولكني في نهاية القراءة بت أخاف عليهم فعلا أن يتحولوا لقبيلة لا تتدخل إلا بعد وقوع الأذى، و تضامنها الجمعي لا ينعقد إلا على مصيبة، و مطالبها محدودة في مجرد رفع الأذى عن الفرد بعد وقوعه!!!.
ورغم أن هناك من يرى و يصور أن ما يحدث في عمان حاليا في قضايا الكتاب خصوصا هو صراع بين مؤسسات الدولة الرسمية وبين المثقفين فإن الحقيقة عكس ذلك تماما الكتاب لا يمثلون خطر على الحكومة بل هم ثمرة من ثمرات إنجازاتها و برهان على مصداقية إصلاحاتها المستمرة و وجودهم في حد ذاته خير دليل على أن مسيرة القيادة السياسية في عمان أنتجت كوكبة من المثقفين وبنت الإنسان مثلما شيدت العمران، وفي قضية الكتاب بالذات يجب أن نعي أن فيها تتداخل أطراف مجتمعية مختلفة وهي أكبر من مجرد تصويرها على أنها صراع بين المثقفين والمؤسسات الرسمية، دعونا نعود إلى أشهر تلك القضايا:-
م
الكاتب
السنة
التهمه
المتضرر
مكان رفع القضية
حكم القضاء
1
خميس قلم
2002
"التجديف بالذات الإلهية والإساءة إلى مقام الأنبياء".
رجال الدين
بهلاء
حفظ الإدعاء العام القضية
2
يحيى سلام المنذزي
2003
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
(أفراد المجتمع)
بوشر
تبرأه
3
بدرية الوهيبي
2006
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
القرم
تبرأه
4
سعيد الحاتمي
2007
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
عبري
تبرأه
5
أحمد الزبيدي
2009
كتابة رواية "أحوال القبائل عشية الإنقلاب"
المنظومة القبلية
لم ترفع قضية
لم تمر على القضاء
وحلت بسلام،ولكن الرواية منعت من دخول السلطنة
6
حمود الشكيلي
2009
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
(أفراد المجتمع)
بهلاء
تبرأه
7
عاصم الشيدي
2009
إهانة مؤسسة
الشرطة
مسقط
لا تزال القضية قائمة
كل تلك القضايا يرى فيها المتضررون أن هناك كرامة لهم أهينت -باستثناء قضية خميس التي فيها نفى الكاتب التهم المنسوبة له وأعتبر ذلك سوء فهم للنص-، بقية القضايا وقع فيها من وجهة نظر المتضرر إهانة للأفراد والمؤسسات،و الفرد كفرد أو ضمن مؤسسة تصرف من خلال منطلقاته المجتمعية في تحديد معنى الإهانة فما نراه نحن إهانة قد يراه شعب أخر من الشعوب تكريم،و هؤلاء الأفراد شعروا فعلا بالاهانه وفق مفاهيمهم المستقاة من ثقافة المجتمع،المقصود أن الصراع صراع ثقافي في مجتمع يسعى للحداثة ويمر بمرحلة انتقالية فكريا وهي مرحلة من أخطر المراحل على معايير القيم للأفراد قبل خطورتها على المجتمع ذاته وفي هذه المرحلة كل يتكتل ليشكل عصبة وفق مفهومة القيمي.
حتى لا يكون القضاء ضحية لصراع المنظومات:-
ما نشهد حاليا ليس سوى صراع بين عصبتين (القبيلة كمفهوم والكتاب كتحول ثقافي)ولكن هل هناك طرف ثالث بين هاتين العصبتين المتصارعتين فكريا في مجتمعنا السائر نحو التغيير؟!
نعم أنها منظومة ثالثة ألا وهي المنظومة التشريعية في عمان على رجال التشريع القانوني أن يتحركوا بوضع التشريعات الحاسمة حتى لا يكون القضاء ضحية لصراع المنظومات في المجتمع.
ورغم أن القضاء حكم بتبرئة الكتاب في أغلب القضايا إلا أن من الضروري أن يصدر تشريع واضح ومنظم ودقيق في الحقوق التي تنضم العمل الصحفي والأدبي دون المساس بحرية التعبير وخصوصية الفرد، كما على الكتاب أن يعيدوا ترتيب منظومتهم ليسهموا ويقودوا التغيير باتزان لا يغترب ولا يمزق المجتمع فعليهم يعول الكثير، وهم بيدهم أن يحول هذا الصراع لصراع ثقافي وفكري يقود المجتمع نحو تغير واثق الخطى ومتزن أو يجروا أنفسهم لتحول لمجرد قبيلة تخوض صراع قبلي مع خصم من نفس المنظومة وباستخدام نفس الوسائل وعندها ستلتهمهم القبائل الأخرى لأن لها باع وذراع.
أين نحن من ثقافة الحوار؟!
كنت أتمنى أن أجد تنوع ثقافي في طرح الكتاب في أطار الحوار الراقي بين العقول كأن أجد أحد الكتاب الكبار يقول:نعم أنا أختلف مع الكاتب الفلاني في بعض النقاط ويحلل ويمحص النص ويدير بمعية الرأي والرأي الأخر ،يؤكد خلالها أنه مختلف مع زميله تماما أو جزئيا ولكنه في نفس الوقت يعلن أنه سيسعى جاهدا لأن ينال زميله الحق الكامل في التعبير عن رأيه ونتاجه الفكري،فهل يعقل أن المثقفين لدينا جميعا لهم نفس الآراء؟! وهل كلهم يفكرون بذات الطريقة؟! ومتفقون في كل القضايا؟!
إذا كان الأمر كذلك فنحن لم نصل بعد لقاعدة حقيقية في الحركة الثقافية التي يمكن أن تصنع تغييرا وتقود مجتمعا، وإذا كان كذلك فيحق لمن شاء أن يفرض الوصاية على المثقف العماني،ومن هنا وجب أيها الكتاب مزيد من المراجعة لمنظومتنا الثقافية فكريا.
نعم حتى النخاع للتضامن مع حق التعبير ولكن فلنقل مرحبا بالتنوع الثقافي والاختلاف الفكري ودولة المؤسسات والمطالب الحقوقية.
كما على المجتمع بكل منظوماته المعاكسة لبعض الكتاب والكتابات يجب أن يقال كما قال الأمام موسى بن جعفر للرجل الذي جاءه يشكي ابنا له؟ لا تضربه وهجره ولا تطل!
القانون كفيل بالحلول:-
عمان قبل 39سنة ليست هي عمان الآن شتان بين الحالين، قبل السبعين كل مشاكلنا نقودها ونحلها بفكر قبلي جاهلي حتى وإن أصبغنا عليه صبغة دينية أو طنية زائفة، وعمان قبل السبعين لا تعرف شيئا يسمى حرية الصحافة و إدعاء عاما، ونحن قد قطعنا شوطا كبيرة نفخر به ونعتز.
وهذا التجاذب والتضاد بين الأطراف المختلفة من مدعي و مدعى عليه والإدعاء العام، يمكن أن يحل بسهوله جدا في وجود قانون واضح وصريح و حاسم و مفصل.
فلنبدأ من حيث انتهى الآخرون دول كثيرة سبقتنا ثقافيا واجهة ما نواجه نحن الآن في حركة تطورها لماذا لا ندرس تجاربها و نقيمها ونستخلص منها قانونا يناسب وضعنا و ظروفنا ويكفل حرية الكلمة والتعبير دون سلب الناس خصوصياتهم أو إهانة كرامة أحد.
وهو أمر ليس بالعسير على دول القانون ورجاله فلقد قطعت الدولة شوطا كبيرا وهي جديرة و قادرة على إكمال المشوار.
اين جمعية الكتاب؟!
إذا تحدثنا عن الكتاب فلأنهم يمثلون دفة سفينة عمانية أصيلة تمخر عباب البحار المتلاطمة الموج، وذا انتقدنا الكتاب فلأن عليهم يعلق الوطن آمالا عريضات، وإذا رجونا أن يكون حالهم أفضل مما هو عليه فلأنهم واجهتنا المشرفة و برهاننا أنّا امة تفكر.
فاسمحوا لي يا جمعية الكتاب إذا أن أسألكم في أي فلك أنتم تدورون؟!
استضافة الجمعية مشكورة ندوة للمرآة في وقت حفل و زخم ندوات و مؤتمرات المرأة، فهلا استضفنا ندوه أخرى تجمع الكتاب و أهل القانون من قضاة وحقوقيين و ممثلي الإدعاء و رجال الدين من مشايخ وفقهاء لنطرح أرائنا كمجتمع مدني متحضر يؤمن بلغة الحوار ويقبل النقد و يتكامل ليسد الثغرات؟!
دعونا ولو لمرة واحدة نقول نحن صنعنا هذا معا، و دعونا و لو لمرة واحدة نقول جدفنا معا و وصلنا لبر الأمان معا لأجل هذا الوطن لا غير.
عندما أجهل أني أجهل:-
قبل سنين عندما كنت طالبة بالسنة الثانية بكلية التربية بصلالة قلت وكتبت "أن نجهل فتلك مشكلة يمكن حلها، ولكن أن نجهل أننا نجهل فتلك مصيبة المصائب و أساتذتنا للأسف يجهلون أنهم يجهلون،ولذلك سنُفشل معا كل مساعي التعليم الأساسي،وسنأتي لنقول بعد سنين أن التعليم الأساسي تعليم فاشل لنغطي فشلنا" و دفعت الثمن من درجاتي.
وعندما سألني أحد الأساتذة متهكما كيف عرفتِ سعادتكِ أننا نجهل؟!
أجبته أنك علمتنا تعريف التعليم التعاوني ورغم ذلك لا نعرف كيف نطبقه واقعا ولذلك أنا أجهل وأعلم أني أجهل وأنت للأسف تجهل أني أجهل، وتفترض أن أمارس هذا النمط من التعليم دون أن أحفظ تلاميذي التعريفات المختلفة له،والحقيقة أني رغم ما أشعر به من التخمة من هذه التعريفات أجهل حقيقة تفعيل هذا النمط من التعليم!!.
يجب علينا جميعا وفي مقدمتنا الكتاب و رجال القانون عندما نجهل أن نصرح بأننا نجهل، وعندما نشعر بأننا لا نجهل أن نصغي لغيرنا و في الخاطر نقول ربما فعلا نحن نجهل.
فإذا كنتم أيها الكتاب تجهلون القوانين المنظمة لعملكم أو تعتبرونها غير كافيه فصرحوا بذلك دون تناول الأشخاص أو المؤسسات كمطالب لا تنتظر قضية جديدة، وإذا كنتم أيها القانونيون تعلمون و تفهمون تلك القوانين وتعتقدون أن هناك من يجهلها فساهموا في نشر المعرفة، فالجميع في حاجة ماسة لها،حتى لا يؤول الحال لتخبط شنيع.
كما يجب أن نعي أننا تجاوزنا و لله الحمد مخاطبة الأفراد لمخاطبة القانون و من محاورة الأسماء لمحاورة العقول و هكذا يجب أن تكون ثقافتنا أصيلة منطلقها دولة المؤسسات والقانون وفخرها أن فيها يكرم المثقفون.
لماذا كل هذا الاهتمام بحال الكتاب و بالحديث عنهم؟!
باختصار لأن القضية المثارة ثقافية تربوية قبل أن تكون خاصة وفئوية، إنها قضية غاية في الأهمية عقولنا كانت معطله و عيوننا مغلفة والوضع الحالي يدل أن هناك نورا قادم نحمد الله عليه،كتربوية سعدت كثيرا أن هناك مواطن بسيط و عادي رفع قضية على قاص أتعرفون لماذا لن هذا يعني أنه قرأ القصة حتى وإن أخطأ فهمها، و طرت فرحا لأن القاضي برئه أتعرفون لماذا لأن هذا يدل على أن قضاتنا يفهمون، وسعدت أكثر لأن هناك مسئول رفع باسم جهاز في الدولة قضية على كاتب أتعرفون لماذا لأنه عندما غضب لجأ للقانون و ربما كان يمكنه أن لا يفعل و تصدر توجيهات وتسمى عليا.
ما قام به جهاز الشرطة رغم أن البعض قال يفترض تشكيل فريقا من الشرفاء في جهاز الشرطة وهم كثر والحمد لله دون أن يجرجر الكتاب والمثقفين للمحاكمات، إلا أن ما قام به المفتش العام خطوة يجب أن نشكره جزيل وجليل الشكر عليها و وسنشكره أكثر إذا لم يخب الظن فيه وفي القضاء العماني و لن يخيب إن شاء الله، أنه فعلا يستحق كل تقدير أتعرفون لماذا؟ لأنهم في جهاز الشرطة أيها الكتاب قالوا للوطن سأنتحاكم مع الخصم لأجلك بسم القانون لا باسم النفوذ و بلغة العقل لا بلغة القوة.وبقي على القضاء أن يقول للوطن سنحمي حرية الكلمة لأجلك ولأجل أن لا يصادر الفكر.
أرأيتم كيف أنها قضية تربوية أليست التربية هي تغيير في السلوك ناتج عن الوعي، ألسنا أمه تسير نحو التغيير.
التضامن الجمعي للكتاب مبني على عصبة ثقافية وفكرية، وهي نقيضه لعصبة الدم والأحلاف المبنية عليها المنظومة القبلية، وهذا التضامن الجمعي للكتاب صورة من صور التحول الثقافي في عمان، وقد وفق د/عبدالله الحراصي إلى لفت الانتباه من خلال مقاله "قبيلة الكتاب" لقضية بالغة الأهمية وهي الصراع بين عصبتين مختلفتين داخل مجتمعنا العماني والسؤال هو: هل سيتحول التضامن الجمعي للكتاب لـ"قبيلة" أم سينجح في ظهور منظومة جديدة معاكسة ومشاكسة للمنظومة القبلية؟!
فقد كانت القبيلة ولازالت إلى حد كبير تهدف إلى حماية أفرادها يعني إذا تعرض الفرد لأذى تحاول إيقاف الأذى ومنع استمرارية وقوعه على الفرد،وإذا أتت متأخرة تكشر عن ساعد الانتقام وتعمل سيفها في كل أفراد القبيلة الأخرى دون تحري للفاعل والمفعول ناهيكم عن المصدر، فالقبيلة إذا لا تتدخل إلا بعد وقوع الأذى كما أنها لا تعنى بجوهره ولا تسعى لمنعه مستقبلا فتدخلها آني و مؤقت،و بعد رفع الأذى أو الانتقام ينفض تضامن القبلية وتعود مجرد أفراد كل يغني على ليلاه.
قبل كتابة هذا المقال أخذت أقرأ ما كتب عدد كبير من الأخوة الأفضال الكتاب وكنت بنشوة الحماس والعصبة الثقافية والفكرية لهم،ولكني في نهاية القراءة بت أخاف عليهم فعلا أن يتحولوا لقبيلة لا تتدخل إلا بعد وقوع الأذى، و تضامنها الجمعي لا ينعقد إلا على مصيبة، و مطالبها محدودة في مجرد رفع الأذى عن الفرد بعد وقوعه!!!.
ورغم أن هناك من يرى و يصور أن ما يحدث في عمان حاليا في قضايا الكتاب خصوصا هو صراع بين مؤسسات الدولة الرسمية وبين المثقفين فإن الحقيقة عكس ذلك تماما الكتاب لا يمثلون خطر على الحكومة بل هم ثمرة من ثمرات إنجازاتها و برهان على مصداقية إصلاحاتها المستمرة و وجودهم في حد ذاته خير دليل على أن مسيرة القيادة السياسية في عمان أنتجت كوكبة من المثقفين وبنت الإنسان مثلما شيدت العمران، وفي قضية الكتاب بالذات يجب أن نعي أن فيها تتداخل أطراف مجتمعية مختلفة وهي أكبر من مجرد تصويرها على أنها صراع بين المثقفين والمؤسسات الرسمية، دعونا نعود إلى أشهر تلك القضايا:-
م
الكاتب
السنة
التهمه
المتضرر
مكان رفع القضية
حكم القضاء
1
خميس قلم
2002
"التجديف بالذات الإلهية والإساءة إلى مقام الأنبياء".
رجال الدين
بهلاء
حفظ الإدعاء العام القضية
2
يحيى سلام المنذزي
2003
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
(أفراد المجتمع)
بوشر
تبرأه
3
بدرية الوهيبي
2006
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
القرم
تبرأه
4
سعيد الحاتمي
2007
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
عبري
تبرأه
5
أحمد الزبيدي
2009
كتابة رواية "أحوال القبائل عشية الإنقلاب"
المنظومة القبلية
لم ترفع قضية
لم تمر على القضاء
وحلت بسلام،ولكن الرواية منعت من دخول السلطنة
6
حمود الشكيلي
2009
إهانة كرامة
مواطنون عاديون
(أفراد المجتمع)
بهلاء
تبرأه
7
عاصم الشيدي
2009
إهانة مؤسسة
الشرطة
مسقط
لا تزال القضية قائمة
كل تلك القضايا يرى فيها المتضررون أن هناك كرامة لهم أهينت -باستثناء قضية خميس التي فيها نفى الكاتب التهم المنسوبة له وأعتبر ذلك سوء فهم للنص-، بقية القضايا وقع فيها من وجهة نظر المتضرر إهانة للأفراد والمؤسسات،و الفرد كفرد أو ضمن مؤسسة تصرف من خلال منطلقاته المجتمعية في تحديد معنى الإهانة فما نراه نحن إهانة قد يراه شعب أخر من الشعوب تكريم،و هؤلاء الأفراد شعروا فعلا بالاهانه وفق مفاهيمهم المستقاة من ثقافة المجتمع،المقصود أن الصراع صراع ثقافي في مجتمع يسعى للحداثة ويمر بمرحلة انتقالية فكريا وهي مرحلة من أخطر المراحل على معايير القيم للأفراد قبل خطورتها على المجتمع ذاته وفي هذه المرحلة كل يتكتل ليشكل عصبة وفق مفهومة القيمي.
حتى لا يكون القضاء ضحية لصراع المنظومات:-
ما نشهد حاليا ليس سوى صراع بين عصبتين (القبيلة كمفهوم والكتاب كتحول ثقافي)ولكن هل هناك طرف ثالث بين هاتين العصبتين المتصارعتين فكريا في مجتمعنا السائر نحو التغيير؟!
نعم أنها منظومة ثالثة ألا وهي المنظومة التشريعية في عمان على رجال التشريع القانوني أن يتحركوا بوضع التشريعات الحاسمة حتى لا يكون القضاء ضحية لصراع المنظومات في المجتمع.
ورغم أن القضاء حكم بتبرئة الكتاب في أغلب القضايا إلا أن من الضروري أن يصدر تشريع واضح ومنظم ودقيق في الحقوق التي تنضم العمل الصحفي والأدبي دون المساس بحرية التعبير وخصوصية الفرد، كما على الكتاب أن يعيدوا ترتيب منظومتهم ليسهموا ويقودوا التغيير باتزان لا يغترب ولا يمزق المجتمع فعليهم يعول الكثير، وهم بيدهم أن يحول هذا الصراع لصراع ثقافي وفكري يقود المجتمع نحو تغير واثق الخطى ومتزن أو يجروا أنفسهم لتحول لمجرد قبيلة تخوض صراع قبلي مع خصم من نفس المنظومة وباستخدام نفس الوسائل وعندها ستلتهمهم القبائل الأخرى لأن لها باع وذراع.
أين نحن من ثقافة الحوار؟!
كنت أتمنى أن أجد تنوع ثقافي في طرح الكتاب في أطار الحوار الراقي بين العقول كأن أجد أحد الكتاب الكبار يقول:نعم أنا أختلف مع الكاتب الفلاني في بعض النقاط ويحلل ويمحص النص ويدير بمعية الرأي والرأي الأخر ،يؤكد خلالها أنه مختلف مع زميله تماما أو جزئيا ولكنه في نفس الوقت يعلن أنه سيسعى جاهدا لأن ينال زميله الحق الكامل في التعبير عن رأيه ونتاجه الفكري،فهل يعقل أن المثقفين لدينا جميعا لهم نفس الآراء؟! وهل كلهم يفكرون بذات الطريقة؟! ومتفقون في كل القضايا؟!
إذا كان الأمر كذلك فنحن لم نصل بعد لقاعدة حقيقية في الحركة الثقافية التي يمكن أن تصنع تغييرا وتقود مجتمعا، وإذا كان كذلك فيحق لمن شاء أن يفرض الوصاية على المثقف العماني،ومن هنا وجب أيها الكتاب مزيد من المراجعة لمنظومتنا الثقافية فكريا.
نعم حتى النخاع للتضامن مع حق التعبير ولكن فلنقل مرحبا بالتنوع الثقافي والاختلاف الفكري ودولة المؤسسات والمطالب الحقوقية.
كما على المجتمع بكل منظوماته المعاكسة لبعض الكتاب والكتابات يجب أن يقال كما قال الأمام موسى بن جعفر للرجل الذي جاءه يشكي ابنا له؟ لا تضربه وهجره ولا تطل!
القانون كفيل بالحلول:-
عمان قبل 39سنة ليست هي عمان الآن شتان بين الحالين، قبل السبعين كل مشاكلنا نقودها ونحلها بفكر قبلي جاهلي حتى وإن أصبغنا عليه صبغة دينية أو طنية زائفة، وعمان قبل السبعين لا تعرف شيئا يسمى حرية الصحافة و إدعاء عاما، ونحن قد قطعنا شوطا كبيرة نفخر به ونعتز.
وهذا التجاذب والتضاد بين الأطراف المختلفة من مدعي و مدعى عليه والإدعاء العام، يمكن أن يحل بسهوله جدا في وجود قانون واضح وصريح و حاسم و مفصل.
فلنبدأ من حيث انتهى الآخرون دول كثيرة سبقتنا ثقافيا واجهة ما نواجه نحن الآن في حركة تطورها لماذا لا ندرس تجاربها و نقيمها ونستخلص منها قانونا يناسب وضعنا و ظروفنا ويكفل حرية الكلمة والتعبير دون سلب الناس خصوصياتهم أو إهانة كرامة أحد.
وهو أمر ليس بالعسير على دول القانون ورجاله فلقد قطعت الدولة شوطا كبيرا وهي جديرة و قادرة على إكمال المشوار.
اين جمعية الكتاب؟!
إذا تحدثنا عن الكتاب فلأنهم يمثلون دفة سفينة عمانية أصيلة تمخر عباب البحار المتلاطمة الموج، وذا انتقدنا الكتاب فلأن عليهم يعلق الوطن آمالا عريضات، وإذا رجونا أن يكون حالهم أفضل مما هو عليه فلأنهم واجهتنا المشرفة و برهاننا أنّا امة تفكر.
فاسمحوا لي يا جمعية الكتاب إذا أن أسألكم في أي فلك أنتم تدورون؟!
استضافة الجمعية مشكورة ندوة للمرآة في وقت حفل و زخم ندوات و مؤتمرات المرأة، فهلا استضفنا ندوه أخرى تجمع الكتاب و أهل القانون من قضاة وحقوقيين و ممثلي الإدعاء و رجال الدين من مشايخ وفقهاء لنطرح أرائنا كمجتمع مدني متحضر يؤمن بلغة الحوار ويقبل النقد و يتكامل ليسد الثغرات؟!
دعونا ولو لمرة واحدة نقول نحن صنعنا هذا معا، و دعونا و لو لمرة واحدة نقول جدفنا معا و وصلنا لبر الأمان معا لأجل هذا الوطن لا غير.
عندما أجهل أني أجهل:-
قبل سنين عندما كنت طالبة بالسنة الثانية بكلية التربية بصلالة قلت وكتبت "أن نجهل فتلك مشكلة يمكن حلها، ولكن أن نجهل أننا نجهل فتلك مصيبة المصائب و أساتذتنا للأسف يجهلون أنهم يجهلون،ولذلك سنُفشل معا كل مساعي التعليم الأساسي،وسنأتي لنقول بعد سنين أن التعليم الأساسي تعليم فاشل لنغطي فشلنا" و دفعت الثمن من درجاتي.
وعندما سألني أحد الأساتذة متهكما كيف عرفتِ سعادتكِ أننا نجهل؟!
أجبته أنك علمتنا تعريف التعليم التعاوني ورغم ذلك لا نعرف كيف نطبقه واقعا ولذلك أنا أجهل وأعلم أني أجهل وأنت للأسف تجهل أني أجهل، وتفترض أن أمارس هذا النمط من التعليم دون أن أحفظ تلاميذي التعريفات المختلفة له،والحقيقة أني رغم ما أشعر به من التخمة من هذه التعريفات أجهل حقيقة تفعيل هذا النمط من التعليم!!.
يجب علينا جميعا وفي مقدمتنا الكتاب و رجال القانون عندما نجهل أن نصرح بأننا نجهل، وعندما نشعر بأننا لا نجهل أن نصغي لغيرنا و في الخاطر نقول ربما فعلا نحن نجهل.
فإذا كنتم أيها الكتاب تجهلون القوانين المنظمة لعملكم أو تعتبرونها غير كافيه فصرحوا بذلك دون تناول الأشخاص أو المؤسسات كمطالب لا تنتظر قضية جديدة، وإذا كنتم أيها القانونيون تعلمون و تفهمون تلك القوانين وتعتقدون أن هناك من يجهلها فساهموا في نشر المعرفة، فالجميع في حاجة ماسة لها،حتى لا يؤول الحال لتخبط شنيع.
كما يجب أن نعي أننا تجاوزنا و لله الحمد مخاطبة الأفراد لمخاطبة القانون و من محاورة الأسماء لمحاورة العقول و هكذا يجب أن تكون ثقافتنا أصيلة منطلقها دولة المؤسسات والقانون وفخرها أن فيها يكرم المثقفون.
لماذا كل هذا الاهتمام بحال الكتاب و بالحديث عنهم؟!
باختصار لأن القضية المثارة ثقافية تربوية قبل أن تكون خاصة وفئوية، إنها قضية غاية في الأهمية عقولنا كانت معطله و عيوننا مغلفة والوضع الحالي يدل أن هناك نورا قادم نحمد الله عليه،كتربوية سعدت كثيرا أن هناك مواطن بسيط و عادي رفع قضية على قاص أتعرفون لماذا لن هذا يعني أنه قرأ القصة حتى وإن أخطأ فهمها، و طرت فرحا لأن القاضي برئه أتعرفون لماذا لأن هذا يدل على أن قضاتنا يفهمون، وسعدت أكثر لأن هناك مسئول رفع باسم جهاز في الدولة قضية على كاتب أتعرفون لماذا لأنه عندما غضب لجأ للقانون و ربما كان يمكنه أن لا يفعل و تصدر توجيهات وتسمى عليا.
ما قام به جهاز الشرطة رغم أن البعض قال يفترض تشكيل فريقا من الشرفاء في جهاز الشرطة وهم كثر والحمد لله دون أن يجرجر الكتاب والمثقفين للمحاكمات، إلا أن ما قام به المفتش العام خطوة يجب أن نشكره جزيل وجليل الشكر عليها و وسنشكره أكثر إذا لم يخب الظن فيه وفي القضاء العماني و لن يخيب إن شاء الله، أنه فعلا يستحق كل تقدير أتعرفون لماذا؟ لأنهم في جهاز الشرطة أيها الكتاب قالوا للوطن سأنتحاكم مع الخصم لأجلك بسم القانون لا باسم النفوذ و بلغة العقل لا بلغة القوة.وبقي على القضاء أن يقول للوطن سنحمي حرية الكلمة لأجلك ولأجل أن لا يصادر الفكر.
أرأيتم كيف أنها قضية تربوية أليست التربية هي تغيير في السلوك ناتج عن الوعي، ألسنا أمه تسير نحو التغيير.