الأربعاء، 22 فبراير 2012

إنهم لا يتعظون

الإخوان المسلمون" تنظيم إسلامي سياسي يعتمد على التربية لتجنيد الأتباع و نشرالأفكار، و منذ قيام هذا التنظيم شهد العديد من الشد و الجذب مع حكومات الدول التي يتواجدون فيها، و في دولة المنشأ مصر خصيصا ارتسمت علاقة واضحة من الشدة والجذب فلفرط  حب الاخوان للولوج في عالم السياسة و الإمساك بدعائمها و قيادة دفتها كانوا لا يتوانون عن الانخراط و تأييد كل تنظيم أو حركة سياسية من شأنها قلب أنظمة الحكم في مصر، و كانت الحركات الثورية في مصر تسعى لاستقطاب الإخوان نظرا لما يتمتع به التنظيم من شعبية و جماهيرية و سرعان ما نشهد فترات من الغرام السياسي ما بين الأخوان المسلمين و رجالات السياسة و الجيش القادمين لحكم مصر ثم تبدأ هذه العلاقة بالذبول شيئا فشيئا  وما يلبث أن يتحول الغرام إلى عداء و خصام وفي كل مرة يكرر الأخوان ذات المشهد و كأن التاريخ يعيد نفسه معهم. حقا أنهم قوم لا يتعظون!!

فحركة الضباط الأحرار مثلا كانت على علاقة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين و كما يذكر فقد "تمكن عبد المنعم عبد الرءوف من تجنيد جمال عبد الناصر وضمه "للجمعية السرية لضباط الجيش" عام 1944، وظل عبد الرءوف طيلة المدة من 1944 وحتى 15 مايو 1948 هو المسؤول عن التنظيم السري داخل الجيش، متعاونا مع الفريق عزيز المصري والشيخ حسن البنا والصاغ محمود لبيب، وهناك بعض المصادر التي تشير إلى أن ارتباط عبد الناصر بالإخوان كان عن طريق الشيخ الباقوريٍ. في هذه الفترة أعجب بعض ضباط الجيش بما كانت تتميز به جماعة الإخوان من الإنضباط والروح المحاربة، وقد استجاب الإخوان وألحقوا الضباط الذين تجاوبوا معهم بالنظام الخاص، وتم اتصالهم بعبد الرحمن السندي في سرية مطلقة، وتم تخصيص الشيخ سيد سابق ليعطيهم دورسا في الفقه والثقافة الإسلامية عوضا عن عدم حضورهم محاضرات الإخوان العامة. ولما كثر عدد المنتسبين من الضباط في النظام الخاص وضاقت قدرات عبد الرحمن السندي وثقافته عن تلبية نوازعهم الفكرية وأشواقهم إلى العمل الجدي، أفرد لهم حسن البنا قسما خاصا يرأسه الصاغ محمود لبيب وكيل الإخوان وقتئذ. وأطلق محمود لبيب اسم الضباط الأحرار على هذا القسم التابع للإخوان داخل الجيش".
 هكذا ساند الأخوان الضابط الأحرار و كانوا الداعمين لهم شعبيا بل و على حساب الشعب أحيانا و لكن سرعان ما انقلب الضباط على الإخوان و نكلوا بهم و رموهم في المعتقلات و السجون بعد أن دانت لهم مصر. و وها هو ذا المشهد يتكرر الآن.. الإخوان الذين وصفوا بأنهم  دينمو ميدان التحرير سرعان ما استقطبهم العسكر ومنوهم بالانتخابات ومجلس الشعب و الحكومة فانقلبوا على الميدان و عما قريب سينقلب عليهم العسكر و مصر الثورة برمتها. فهوس الاخوان بممارسة السياسة و رغبتهم الجامحة في تحقيق هدفهم السياسي تجعلهم يلدغون من نفس الجحر مرارا من زمن الأحرار لحسني لحسين و هم على نفس المنوال.
وها هم حاليا -أي الإخوان- يدعون أنهم يفعلون ما يفعلون من أجل وحدة مصر وأمانها، و الحق أني لا أصدق ذلك؛ إنهم فقط لاهثون وراء السياسية يريدون أن يتذوقوا نشوة تحقيق الأهداف و لذلك يتسرعون كثيرا في دخول دهاليز السياسة. ربما حقا هم أنجح تنظيم إسلامي سياسي عالمي استطاع أن يُثَبت أقدامه في الوطن العربي و ينتشر بين الناس كانتشار النار في الهشيم، كما أنه استطاع أن يقدم نفسه كنموذج للاسلامي السياسي والاصلاحي المعتدل، و حافظ أيضا على صموده وبقائه بل حتى لم ينتكس رغم كل ما عانى من تنكيل حلفاء الأمس به لكن الشراهة التي يبديها الاخوان في ممارسة السياسة تبعدهم عن تحقيق الهدف لو كان الأخوان المسلمين –عذرا- تنظيما يتعظ  من الماضي لما اصطفوا غير لصف الشباب حتى و إن كان رأي الشباب خطأ و لهم في رسول الله –ص- أسوة حسنة. لقد امتثل لمطلب الشباب بالخروج من المدينة رغم عدم قناعته و اعتراض أكابر المجتمع المدني و المهاجرين على ذلك. لذا  فمشكلة الاخوان المسلمين دائما هي أنهم يراهنون على اللحظة ومن يراهن على اللحظة يحقق مكسبا، و لكن من يراهن على الشعب وحده الذي يكسب.