السبت، 18 سبتمبر 2010

المثقف العربي والسلطة السياسية والعلاقة اللامتزنة


المثقف العربي والسلطة السياسية والعلاقة اللامتزنة
2010-09-17
منذ الخمسينيات والستينيات وصولا إلى السبعينيات من القرن الماضي والعلاقة بين المثقف العربي والسلطة السياسية واضحة المعالم، وهي علاقة تتسم بالعداء والجفاء والحرب السرية والمعلنة بلغة الحديد والنار غالبا والعصا والجزرة أحيانا، وكان للمثقف العربي نشاط وقوة وسلطة معنوية تفوق في بعض الأحيان سلطة الساسة وله تأثير وفعالية يتجاوزان تأثير الساسة، والسر في ذلك يكمن في الثلاثية الأزلية لحراك الأمم: السياسة والمجتمع والثقافة.فمثقف ذلك العصر كانت قوته تأتي من تأثيره على المجتمع ومن سعيه الحثيث والدؤوب لاستمرارية هذا التأثير من أجل تحقيق أفكاره ورؤاه للمجتمع الذي ينشده وسعيه لإحداث التغيير الاجتماعي الذي سينتج عنه تغيير في المدى المتوسط والبعيد على كافة الصعد والأدوار. وفي ذات الوقت كانت السلطة السياسية سواء المحتلة أو المحلية تستمد قوتها وتضمن بقاءها من التخلف الذي يرزح تحت وطـــــأة أفــــكاره المجتمع العربي، ومن هنا كان المثقف العــــربي ناقوس خطر يدق بقوة تكاد تثقب طبلة اذن ذوي السلطة السياسية وتقضّ مضاجعهم.ولذلك وجدنا أناسا من عامة الشعب مثقفين انطلقوا بأفكارهم مزاوجين بين الخطاب السياسي والاجتماعي من منظور تقدمي أو ديني أو اشتراكي، واستطاعوا أن يؤثروا وأن يصنعوا حركات لا أبالغ إن قلت غيرت خارطة العالم بأسره وزلزلت كثيرا من مواقعه.المثقفون العرب بأيديولوجياتهم المتباينة والمتضادة كانوا يتجهون في خطاباتهم ورؤاهم إلى المجتمع ذاته، وحتى خطابهم السياسي لم يكن خطابا موجها لمن هم على هرم السلطة، بل كان خطابا للمجتمع حول ما هو الفكر السياسي المناسب لتسيير دفة السلطة، سواء أكان طرحهم ديمقراطيا أو اشتراكيا أو إسلاميا أو غيره. وكان هؤلاء المثقفون ينطلقون بلغة ومفردات تتناسب وشرائح المجتمع ومفاهيمه، ومن هنا مثّل هذا المثقف خطرا في دعواه التنويرية حسب فكره وطرحه وتأثيره على المجتمع.وقد ضعف تأثير المثقف العربي عندما قل عدد حملة الثقافة المخاطبة للمجتمع والداعية للتغيير الاجتماعي، فللأسف الشريحة المثقفة الأكثر مساحة في المشهد الثقافي العربي هي فئة من إحدى اثنتين:1. فئة تعي الثقافة على أنها مجرد معلومات مجردة تلقيا ونقلا.2. وفئة أخرى تعي الثقافة ودور المثقف على أنه فقط صوت مخاطب للسلطة السياسية.عندما يسجن المثقف نفسه في برج عاجي مهما أعجبنا بلغته الشاعرية وحديثه المنمق إلا أنه ليس المثقف الذي يحتاجه الوطن العربي في المرحلة الحالية، الحديث عن السريالية والفن والتجريد والمدارس الثقافية المختلفة التي يستعرض بعض المثقفين حاليا عضلاتهم الثقافية بالحديث عنها بطريق التلميذ النجيب في تسميع ما يحفظ ليست هي المطلوب من المثقف العربي، بل المطلوب هو نقل الثقافة للمجتمع كسلوك وطريقة حياة واهتمام وتنوير. وكذلك الخطاب الموجه للساسة بالنقد الهجومي المعادي من دون تقديم حلول أو مقترحات أو رؤى أو طروحات، والذي ينتهجه بعض المثقفين من دون فعالية على المستوى الاجتماعي 'الشعبي' ليس شكلا سليما على ما يبدو. إن كثيرا من المثقفين العرب ينتقدون الساسة أكثر مما ينتقدون سياساتهم، وهذا خطر جسيم ينم عن إفلاس فكري لا يليق بالمثقف عموما لأنه يفترض أن يكون هذا المثقف داعيا للتغيير وعليه أن يعي أن المشكلة الحقيقية ليست مع الأفراد بل مع السياسات نفسها. فلا فائدة من تغيير الأفراد مع بقاء السياسات وللعالم العربي في ذلك تجارب كثيرة ليت المثقف العربي يستفيد منها ليخرج من دائرة نقد الأسماء والتهكم، لنقد السياسات والمطالبة بتغييرها وتقديم رؤى واضحة المعالم يمكن أن تستلهم منها السياسات عملها. فكل المذاهب السياسية قامت على أساس تنظير المثقفين في عصور مختلفة ولم تقم بناء على نقد المثقفين لشخوص الساسة وهذا ما يجب أن نعيه كمثقفين عرب.العلاقة الحالية بين المثقف العربي والسلطة السياسية علاقة غير متزنة وليست حميدة وليست طبيعية لا من حيث العداء ولا من حيث الولاء، فالطبيعي في الأمم المتقدمة أن المثقفين على اختلاف شرائحهم ومهنهم وأفكارهم مكرمون في بلدانهم ولا عداء بين السلطة السياسية والمثقفين، بل هي علاقة تكامل وبناء. ولقد أصبح من الضروري أن يتم التصالح بين السلطة السياسية والمثقف العربي فالتغيير الاجتماعي أصبح مطلب الجميع، وعلى المثقف العربي أن يؤجل الأجندة السياسية والأحلام الشخصية بالوصول للسلطة إن لم يستطيع أن يلغيها ويلتفت نحو مهمته الحقيقية التي بها يكسب الراهن ويصنع التغيير، عليه أن يلتفت لدوره في صناعة التغيير الاجتماعي والريادة الثقافية في المجتمع، لقد فقدنا وافتقدنا للأسف، كمجتمعات عربية، أولئك المثقفين الذين يحملون على عاتقهم لواء التغيير الاجتماعي ويسعون لإحداث تغيير في طريقة تفكير الناس وممارساتهم اليومية، نحن اليوم بحاجة ماسة للمصلحين الاجتماعيين أكثر من أي فترة زمنية من عمر مجتمعاتنا، بحاجه ماسة للمثقف الذي يخاطب المجتمع ويركز على الهوية والثقافة والمضامين الأخلاقية الوطنية والإنسانية بعيدا عن التعنت والتهكم على شخوص الساسة، بحاجة للتنويرين الذين يعلمون الناس طريقة التفكير العقلاني الناقد، بحاجة للمثقفين الذين يخلصون للمجتمع ويحلمون بتغيير ينبع من القناعات والثقة الراسخة بعيدا عن المصالح الشخصية والتبعية العمياء. فإذا حدث ذلك التغيير في المجتمع في طريقة تفكير الناس وتعاطيهم مع الأمور وتكون الوعي الناقد للسياسات والأفكار وليس للأسماء والشخصيات، يمكن أن نشاهد تغييرا حقيقيا في العالم العربي، ويجب أن يكون المثقف العربي نموذجا لمثل فكر ناقد كهذا يتناول في نقده جوهر الأشياء، وعندها فقط يمكن أن نشاهد علاقة طبيعية متزنة بين المثقف العربي والسياسي العربي على غرار الدول المتقدمة لأننا حينها نكون قد أحدثنا تغييرا في طريقة التفكير في المجتمع، ولأن الجميع سيدرك حينها أن المثقف يستمد قوته وسلطته من المجتمع الذي ساهم في صناعة التغيير فيه والسياسي سيصبح فقط مجرد مدير لتغيير رسمه المثقف ووضع قواعده.

الخميس، 9 سبتمبر 2010


أصداء المكرمة السامية .. بإنشاء مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه
الاثنين, 09 أغسطس 2010 (ملحق شرفات)

استطلاع: محمد بن مستهيل الشحري -


يعيش أبناء محافظة ظفار بهجة وسرورا بعد تلقيهم نبأ المكرمة السامية بإنشاء مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه، إذ كانت بعض الأصوات في المحافظة قد طالبت بتحريك المياه الراكدة في البِركة الثقافية، فالحراك الثقافي في المحافظة لا يكاد يذكر، باستثناء بعض الفعاليات التي تقام لمجرد إضافتها إلى الأجندة السنوية لهذه المؤسسة أو تلك. يضاف إلى ذلك أن تزايد الضغط السكاني ووجود ثلاث مؤسسات أكاديمية في المحافظة، يفرض أن يكون هناك واقع أكثر نشاطا وأكثر عطاء، هذا بالنسبة للنشاط الثقافي، أما في مجال الترفيه، فإن الأندية الرياضية لم تعد تقنع الشباب بالذهاب إليها، أو الحضور فيها، إذ اقتصر نشاط بعض الأندية على مزاولة كرة القدم، أو كرة اليد، وتخلت عن هدفها الثقافي والاجتماعي، الأمر الذي أدى ببعض الشباب إلى الجلوس على قارعة الطريق يتسامرون، ومما لاشك فيه أن هذه الظاهرة غير حضارية، ولا يليق بالشباب الذين هم عماد الأمة، وقادتها المستقبليون أن يكون مكانهم تحت أعمدة الإنارة وعلى الأرصفة.وجاءت الأوامر السامية ببناء المجمع الثقافي والترفيهي، حرصا من جلالته على الشباب العُماني ومستقبله، ووضع الشاب العُماني في مكانة تليق به، وتوفير البيئة المناسبة لممارسة هواياته ومزاولة نشاطه الذهني والبدني، واستغلال وقت الفراغ فيما يحمي جسمه وعقله.وحول هذه المكرمة السامية جاءت أصوات الكتاب والمثقفين والشباب، معبرة عن آرائها وانطباعها من خلال هذا الاستطلاع.تسليح بالثقافة والمعرفة
الدكتور أحمد بن عبدالرحمن بالخير من كلية العلوم التطبيقية بصلالة يقول" ما زالت المكرمات السامية من لدن جلالته يحفظه الله ويرعاه تتوالى على أبناء شعبه الوفي.وفي غمرة الاحتفال بذكرى الثالث والعشرين من يوليو المجيد ، أنعم مولانا حفظه الله ورعاه بإصدار أوامره السامية بإنشاء مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة ، وذلك إيماناً من جلالته بما يشكّله الشباب من أهمية واعدة في بناء مجتمعاتهم ، وحرصه الدائم على تسليح الشباب بسلاح الثقافة والمعرفة ، وهذا ما أعلن عنه جلالته صراحة عندما قال في مطلع السبعينيات (سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة ).وأضاف بالخير "لقد عمل جلالته على تحقيق التعليم والثقافة للشباب العماني من خلال فتح آفاق الفكر والثقافة والمعرفة وليس أدل على ذلك من تلك الكلمات التي همس بها في آذان أبنائه من طلبة جامعة السلطان قابوس عندما قال (مصادرة الفكر والتدبر والاجتهاد هذه من أكبر الكبائر. ونحن لن نسمح لأحد أن يصادر الفكر أبداً).نعم يا سيدي لم ولن تسمحوا لأحد بمصادرة فكر أبنائكم الشباب بل تدعمون ذلك الفكر النيِّر وتعملون على دعمه ، وما مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه إلا صفحة من صفحات دعمكم المتواصل للنهوض بالشباب. فلك الشكر يا سيدي من أبناء هذه المحافظة المعطاء التي ما زالت حبلى بالشباب الواعد الماضي على دربكم الميمون.
زمن لا يقبل إلا بالقراءة
وقال الكاتب الدكتور محمد بن مسلم المهري"لقد كان حلما فصار واقعا كم كنت أبحث عن ضالتي فغدت قاب قوسين أو أدنى، هناك من خلف الغيم يأتي لتتزامن مكرمته السامية والعطاء الإلهي الباهر ليجمع الفرحتين لهذا الشعب الذي هتف بولائه عرفانا ومحبة وتلاحما مع قيادته ، وفي خضم الثالث والعشرين من يوليو المجيد وفي غمرة الأخبار السعيدة صدرت الأوامر السامية بإنشاء مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والفنون بصلالة .لا يخفى أننا في زمن لا يقبل إلا بالقراءة؛ ذلك أنها نتاج لوعي مدرك للواقع المناخي المتقلب على كل الأصعدة ، وإذا ما ضمن جانب الاطلاع والعلاقة الحميمة بين الفرد والكتاب؛ فإن مدارج المستقبل المشرق تكون سهلة الارتقاء، وهو ما أراده صاحب الجلالة من خلال إنشاء المجمعات الشبابية الثقافية .لقد نظر صاحب الجلالة إلى الطموح المتوثب في عيون شبابه في الجنوب؛ فأمر بهذه القلعة الثقافية لتكون رابطا بين ظفار وبقية المحافظات والولايات على امتداد هذا الوطن المعطاء ؛ إذ أن رابط العلم من أقوى الوشائج بين أبناء الوطن الواحد ،< أو يفْتَرقْ نَسَبٌ يُؤَلف بَيْننا ، أدَبٌ أقمناه مُقامَ الوالدِ>.وهنا لا يخفي الدكتور المهري خشيته من أن يغلب نشاط على آخر في هذا الصرح الثقافي الترفيهي فيقول " كل ما أخشاه أن يستل هذا المجمع الثقافي من بين يد المثقفين ويدرج مع الأندية الرياضية تحت بند الترفيه فيكون كما قالت العرب:( أضيع من قمر الشتاء).
الفكر رصيد الأمم الحقيقي
وفي هذا الموضوع تقول الكاتبة والباحثة التربوية الأستاذة منى بنت سالم جعبوب إنه " لا يمكن لأي أمة تريد الرقي أن ترقى إلا من خلال الاهتمام بعقولها ونتاج أبنائها الثقافي، رصيد الأمم الحقيقي هو نتاجها الفكري،والشباب خير من يمكن أن تلقى على عاتقه هذه المهمة وجلالته حفظه الله يعي ذلك بعين القائد الملهم البصير. كما أن جلالته يعلم ويدرك تعطش المثقفين في ظفار لصرح ثقافي يليق بزخم العطاء الثقافي لهذا العهد الزاهر،فنحن جميعا من كُتاب وباحثين ومثقفين وشباب في ظفار أبناء هذه النهضة وثمرة مسيرة أربعين عاما من العطاء المثمر، وقد كنا بحاجة ماسه لصرح ثقافي ينشط الحركة الثقافية فبُعد المسافة عن العاصمة مسقط حال بيننا وبين كثير من الفعاليات الثقافية والأدبية بل وصرفت بعضا من شبابنا بسبب الفراغ والجدة إلى مفسدة للوقت وفي وجود رافد حقيقي للثقافة المتزنة، وتجمع للفكر القويم المعتدلة الذي ينطلق من الثوابت ويحافظ على اللحمة الوطنية والهوية دون افراط أو تفريط هو ما سنسعى كمثقفين و كُتاب وباحثين وشباب في هذه المحافظة أن نترجم به مكرمات السلطان حفظه الله ورعاه.وتضيف منى جعبوب " ومن هنا كان استبشارنا بالمكرمة ليس مجرد فرحة بمبنى سيقام بل هو سعادتنا الدائمة بنهج البناء الذي لا يتوقف والذي منذ البداية أعلن جلالة السلطان أن هدفه ولبنته الأساسية الانسان العماني فبالإنسان تبنى الأوطان. فألف شكر لصاحب الجلالة حفظه الله ورعاه ونعاهد جلالته أن يكون صرحا ثقافية يشع فكرا وثقافة ليس فقط في ظفار وإنما على كل أرجاء عُمان مستلهمين من فكركم ونهجكم البناء.كما نرجو أن تكتمل الفرحة بهذه المكرمة بفتح فرع للنادي الثقافي الموجود في مسقط هنا أيضا في ظفار وأن يكون مقره هذا المجمع و أن تكون له إدارته الثقافية التي تدير المجمع أيضا.وليحفظ رب العرش مولاي جلالة السلطان المعظم لعمان وشعبها".
ثقافتنا والثقافات الأخرى
ولكي نكون أكثر قربا من الشباب المشتغلين بالفنون، نقف عند المهندس والمصور الفوتوغرافي محمد بن عامر العوائد، الذي قال لنا "أعلم أن الاهتمام بالهوايات والتثقيف أمر شخصي بحت ويعتمد على البيئة المحيطة والتنشئة التي ينشؤها الإنسان ولكني على يقين بأن مثل هذه المنشأة الثقافية ستكون حافزا كبيرا لأي شاب أو شابة لاستثمار الوقت فيما فيه الصالح الشخصي والصالح العام على حد سواء.فالنشء المثقف يكون إيجابياً وذا مردود إيجابي على بيئته ووطنه.إلى الآن لا نجد منشآت ثقافية متنوعة تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من المرتادين بشكل دائم وهذا بدوره أدى إلى عزوف الكثير من الشباب عن الانخراط فيما هو متوفر الآن، لذلك فإن إقامة مثل هذه المنشآت سيؤدي حتماً إلى استقطاب أعداد كبيرة من المهتمين وذوي المواهب.كمصور فوتوغرافي أتمنى من هذا المركز أن يوفر البيئة المناسبة للثقافة البصرية بشكل عام والتصوير الضوئي بشكل خاص وذلك بأن تكون هناك قاعات لعرض الأعمال ومسارح لعرض الشرائح وأن يكون المركز مليئا بالفعاليات الثقافية والفنية – على مدار العام- التي تخدم الثقافة البصرية والتي ستؤدي – بلا شك- إلى استقطاب أعداد هائلة من الشباب. وأتمنى أن يستضيف المركز معارض دولية ومصورين من مختلف دول العالم. كما آمل أن يخدم هذا المركز كل ما هو ثقافي وألا يقتصر على صنف معين من الثقافة، وأن يربطنا بمراكز أخرى على مستوى العالم نستطيع من خلاله أن نعرض ثقافتنا ونستفيد من الثقافات الأخرى .أتمنى أن يضم المركز مكتبة كبيرة تحتوي على كتب في شتى التخصصات والاتجاهات، وأن يساهم هذا المركز في نشر ثقافة القراءة في المحافظة بشكل عام.
تطوير المجتمع
يقول النحات سالم بن عمر المرهون من الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية " إن مركز السلطان قابوس للثقافة والترفية جاء في الوقت المناسب جدا ، ليجعل من ثقافة الوطن ضرورة حتمية للإمساك بالغد الذي يمثل الأمل والعمل بدأب ومصداقية ، وإنتاج شفافية خاصة تستطيع تطوير المجتمع في طرق التنوير، وأشار إلى أن هذا النوع من المراكز يقلص الهوّة التاريخية التي تفصل الواقع عن الماضي ، وتجعل المجتمعات أكثر تجاوبا مع فتوحات الحداثة
القلوب إذا كلت عميت
وقال الشاعر والدكتور عبدالله بن علي العمري إن التوجه انصب في بداية العهد على بناء الإنسان الذي ساهم بدوره لاحقا في بناء عمان الحديثة ببناها المكتملة تعليميا وصحيا وأمنيا وفي جميع المجالات. ومنذ فجر الثالث والعشرين من يوليو لعام سبعين وسيل المكرمات السامية يجري في ربوع هذه الأرض الكريمة المعطاء مكملا وداعما لما تم تشييده من بنى وملبيا للعديد من الاحتياجات العصرية المهمة. وما ذلك إلا دليل على التوجه السامي النير لعاهل البلاد المفدى وعلى نظرته الثاقبة المستشرفة لآفاق المستقبل.وقد أسدى جلالته في يوم الثالث والعشرين من يوليو المجيد لعام 2010م أوامره السامية ببناء مركز السلطان قابوس للثقافة والترفيه بمحافظة ظفار، إدراكا من جلالته لأهمية هذا القطاع واستثمارا لطاقاته ومكنوناته وتوجيهها في الاتجاه الصحيح الذي يعود بجزيل النفع على الفرد ذاته ومجتمعه.مثل هذه المنارات والصروح الثقافية، ستشهد العديد من الاطروحات الثقافية والكثير من النقاشات المثرية البناءة التي لها بالغ الأثر على الثقافة العربية عموما وعلى ثقافتنا العمانية خصوصا، لاسيما إذا صقلت المواهب ومزجت التجارب ونضجت العقول اليافعة.ومن جانب آخر فإن هذا المركز سيوفر وسائل ترفيهية متنوعة تمكن الشاب من استغلال أوقاتهم في ما لا يضرهم ويعود عليهم بالنفع ويحضرني في هذا المقام قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت)).
اقتراحات
جاءت هذه التوجيهات السامية لتلبي حاجة اجتماعية وثقافية ملحة ولتسد حالة الفراغ التي يعاني منها المشهد الثقافي في محافظة ظفار، سواء من حيث الفعاليات أو المؤسسات التي تعنى بالجانبين الثقافي والترفيهي في آن واحد من جهة ثانية ، مما ترتب على ذلك معاناة الناس من الملل والروتين والرتابة والفراغ خاصة طلابنا أثناء الإجازات وشبابنا الحائرين كيف يقضون فراغهم أو ممارسة هواياتهم داخل مؤسسة وطنية واضحة الأهداف والنتائج في الوقت الذي لم تعد الأندية المنتشرة في البلاد مناطق جذب للشباب لتركيزها على لعبة كرة القدم فقط ولافتقارها المرافق الترفيهية والثقافية .بل ان الجميع بما فيهم المثقف والمتقاعد وحتى السائح يبحث عن وسيلة لكسر روتين الحياة المتكررة والمملة عبر إيجاد متنفس يجمع ولي الأمر مع أبنائه ويجد فيه المثقف كذلك ذاته، ويقضي فيه السائح وقتا ممتعا، ويشكل حالة إشعاع مضيئة تعزز نظيراتها المتمركزة في مسقط.وهذا التعزيز تفرضه كذلك المصلحة الوطنية بعد أن أصبحت محافظة ظفار منطقة جذب للسياحة العائلية الداخلية والخليجية، وبعد أن أصبحت الخيارات المتاحة أمام شبابنا محدودة وبعضها مدمرة نتيجة الفراغ الذي يعيشونه سواء كان فراغا مؤقتا كالعطل الدراسية أم دائما كحالة الباحثين عن عمل .من هنا، ينبغي توظيف المركز ليلبي عموم تلك المصالح وليكون في مستوى مسماه الذي يربط الثقافة بالترفيه ويحوي عنصري المجتمع عن طريق استيعاب الأسرة واحتوائها ، هذا هو طبيعة التحدي المناط على عاتق السلطة التنفيذية المخولة ببلورة التوجهات السامية بإقامة المركز، فهل هي في مستوى وعي المرحلة الراهنة التي جعلت من سلطان البلاد المفدى حفظه الله ورعاه يتدخل ويوجه السلطة التنفيذية بإقامة هذا المركز بثنائيته الحيوية والمهمة ؟.
ومن خلال قراءتنا لمتطلبات هذه المرحلة نرى أنه من الضروري أن يشمل المركز وحدات ثقافية وترفيهية عديدة ، ونقترح أن تكون في شكل المرافق التالية :وحدة ثقافية فكرية تكون مهمتها توسيع أرضية الحوار والتلاقي بين طاقات الوطن الثقافية والفكرية والتفاعل مع نظيراتها العربية والإسلامية والعالمية ، ونحن في أمس الحاجة لمثل هذا الملتقى لإقامة الندوات الفكرية بدلا من الاعتماد على مسرح التراث الذي لم يعد يكفي لتغطية جميع الفعاليات، وقد رأينا كيف تم وضع محاضرة الأستاذ فهمي هويدي في مكان هو أشبه بفصل دراسي.كما نقترح أن يحتوى المركز على مكتبة عامة حديثة مجهزة بكل الوسائل التقنية العصرية ووسائل الجذب والراحة وتتكون من فروع وأقسام لكل التخصصات والأعمار، والحاجة نفسها تحتم إقامة مرافق رياضية ترفيهية مثل البولينج والتنس والبلياردو والعاب اللياقة ، ومرافق رياضية متخصصة بتعليم ألعاب الدفاع عن النفس مثل الجودو والتايكوندو، وكذلك إقامة مسابح كبيرة تعلم فنون السباحة وتجري فيها المسابقات، وقاعات للعروض المختلفة ومعارض الفنون التشكيلية والمعارض الصغيرة المتخصصة مثل قصص الأطفال والروايات الجديدة ودواوين الشعر .
ونتأمل من خلال هذا المركز بوحداته السالفة الذكر أن يشبع رغبات الناس المختلفة ويحتوي الأطفال والشباب بدلا من أن تحتويهم الشوارع والمقاهي ، ومن المفارقات الغريبة التي تدعم قوة التدخل السامي في ظرفيته الراهنة، أن تلك المرافق تفتقر إليها محافظة ظفار سواء أنديتها أم كلياتها، وإذا وجدت بعضها كالتنس والبلياردو والعاب اللياقة فهى يديرها مستثمرون صغار وليست في متناول الغالبية من الناس، من هنا لم نستبعد انتشار ظواهر سلبية فيها، فهل سيكون تنفيذ التوجيه السامي كما يمليه الواقع واحتياجاته ؟