الأحد، 23 أكتوبر 2011

القانون وحدود الحريات



كم كنت أرجو أن تحمل تعديلات المادة 26 من قانون المطبوعات والنشر مزيدا من الحرية، بل لا أبالغ إن قلت إنني كنت أحلم بأن نعيد صياغة قانون المطبوعات والنشر من أوله إلى أخره ليتماشى مع مقتضيات المرحلة الراهنة،بما فيها من وسائل تكنولوجية تتفتق كل يوم عن جديد।تجارب كثيرة بإمكاننا أن نستفيد منها، فقط نكلف أنفسنا عبء الإطالع على القوانين المماثلة في الدول الأوروبية أو حتى قوانين دول جيراننا من شرق آسيا.

أعلم علم اليقين بأن هنالك كثيرين عملوا للأسف على تشويه صورة البلاد في بعض الأحيان دون قصد أو بقصد في وقت كثرت فيه القلاقل والمشكلات، و أشعر أن القلق بد أ يسيطر على الكثيرين سواء من ُصناع القرار أو من عامة الناس، كما أن الكثيرين باتوا يرون بأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة، ولكن القضية الجوهرية كيف أدفع ضررا دون أن أجلب ضررا آخر؟! وكيف نتخلص من القلق ونحن نتخذ القرار؟.


حسنا قال إخواننا المصريون: “ أولاد الحرام ما خلو ش لولاد الحلال حاجة”، ولأن هناك من استخدم الو سائل بطريقة سيئة وجب ذلك। عموما وجهات النظر دائما مختلفة ولكن وجود الفريقان سنة الله في الكون، والمهم أن نحافظ على توازننا و أن نميل دائما لولاد الحلال. تداخلت الأفكار،أليس كذلك؟ فليكن عندما كانت قضية الزمن في أوجها كان أيضا الكثيرون ضد ما قامت به الصحيفة أحدهم قال لي لماذا هذه الجريدة لم تستقصد سوى ذلك الوزير رغم أنه لو و ضع كل رجال عمان في كفة ومعاليه في كفه لرجحت كفت معاليه هو من حيث وطنيته ونزاهته وحبه للوطن؟ أم أن هناك من يشعر بالغيرة منه لأنه ينال تلك الثقة؟ متطرفون دوما نحن العمانيون في مشاعرنا نحو الأخر نغرقه حبا أو نقتله كراهية لا خيار آخر أمامه وقليلا ما نستخدم العقل.
نعم أنا أتفهم كثيرا أن نمنع نشر الاتفاقيات الأمنية وكل ما يخص الجيش أو باقي الأجهزة الأمنية، كما أتفهم منع نشر أسماء ا لأشخاص فالفعل يجرم بقطع النظر عن فاعله،ولكن منع تدعيم التحقيقات الصحفية بالوثائق دون إذن الجاني فهذا ما لا أفهمه؟.
ككثير من الصامتين والمتحدثين أشعر بثقل جاثم على أنفاسي وبمشاعر غير ودية نحو قانون المطبوعات والنشر أرجو لا أتمنى -حيث التمني طلب المستحيل- تغييره بقانون أقل قيودا و أكثر حداثة فعلا نريد أن نلمس ذلك قريبا جدا بحيث لا نستنكر أن تنشر صحيفة قضية، كما لا نستنكر أن يقاضي وزير صحيفة، نعم أريد أن أعيش في وطني دون أن يجرم أحد الطرفين ت صرف الآخر فالقانون وحده الفيصل।والحق لو أردنا أن نصغي إليه هو أن لو أعطيت الصحافة الداخلية المقروءة على الأقل سلطة كبيرة لساعدت الدولة في التنبؤ بالمشكلات قبل وقوعها ولأعطت انطباعا يدحض كل المتحاملين ويبرهن على أن عمان دولة تؤسس لحريات حقيقية لا حريات مصطنعة।ويبقى القول من أهم القواعد التي يجب أن نتعلمها هي التجاوب مع نبض الحياة من حولنا، والأخذ بأفضل ما فيها خاصة إذا كان هذا مما يدعم الحريات ويفضى إلى الشفافية، دون الانزلاق إلى مجاهل الفوضى، فأبواب الحقيقة لا تقتصر على طريق واحد، بل هناك ألف سبيل للوصول إليها.

السبت، 22 أكتوبر 2011

ألف ألف مبروووووك د/عبدالله












ألف ألف مبروووووووووووك على تشريفك بالثقة السامية برئاسة هيئة الإذاعة و التلفزيون وهنا لن نضع سوى بعضا من أقوالك وحقا إني سعيدة و متفائلة كثيرا وتذكر د/عبدالله أنك ذات مرة قلت وكتبت ودعوة قائلا:





"أقول أن المطالب المعيشية هي مجرد جزء من المطالب الإصلاحية السياسية الكبرى، وتشمل هذه المطالب الكبرى مشاركة الناس في صياغة ومراجعة دستور بلادهم (والقضية ليست الاسم هنا، بمعنى أن الاسم يمكن أن يظل هو «النظام الأساسي»، وفي اللغة العربية سِعَة) بما يحقق رؤاهم الوطنية لنظام الحياة في عُمان، إضافة إلى تحرير الإعلام العماني من قيوده الكابحة للقول والتعبير عن الآراء المختلفة، ووضع النظم التي تحد من الفساد والتخريب بكل أشكاله، ووضع نظام صارم يتمتع بالمراقبة لصرف المال العام بما يضمن عدم التعدي عليه وعدم هدره فيما لا يجني منه الوطن العماني الخير، وإصلاح حال مؤسسات الدولة المختلفة التي لا يختلف اثنان على وجود ترهل وضعف في أداء كثير منها، ونشر التعليم ومؤسساته بما يضمن حصول كل عماني على التعليم الذي يرغب فيه وبما يضمن الصالح الكلّي للوطن العماني في استعداده للمستقبل، مع وضع التنظيمات التي تضمن المهنية العالية الحقّة في مؤسسات التعليم بكل مستوياته"

ولذلك فبكم نستبشر خيرا بتوفيق الله

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

هناك طارق أيها القانون...





عندما كتبت في الأسبوع الماضي عن الحكم على الزمن و ضرورة مراجعة القوانين في بلادنا لنتخلص من العبارات المطاطة و اعتبرت أن القانون العماني لم يواكب التطورات المتسارعة التي وصل لها المجتمع تلقيت عددا من الرسائل عبر بريدي الالكتروني تؤكد على الفكرة التي طرحتها و كان من أكثر الرسائل التي تلقيتها تأثيرا رسالة لأحد القراء يدعى طارق يتحدث عن معاناته مع الأحكام القانونية و يعتبر أن ما وقع عليه ظلم بائن ولأني لا أملك الأدلة الكافية في قضيته كما أني لا قوى لي بخمسة شهور سجن وربما القضية لو طرحت لمثلت إهانة كرامة بمفهوم القانون العماني فلذلك فإني أعتذر للقراء الذين يتحلون بفضول المعرفة عن سرد أو حتى نقل رسالة طارق كاملة ولكني هنا سأحمل لهم منها سطر:
".... بعدها قابلت (......) وقلت له هذا ظلم وأنت لا ترضى بالظلم فقال: (.........) هناك من الأطباء الأكفاء ويغلطون، هؤلاء بشر غير معصومين...... إلى أين يتوجه المظلوم إذا لم يجد طريق العدالة ومن ينصفه... ولولا إيماني القوي لعملت نفس عملة البوعزيزي".
عندما يقال أن هذه القوانين بحاجة لمراجعة و إعادة كتابة بشكل أكثر دقة و تفصيلا فإن ذلك ضروري، ففي كثير من الأحيان يلتبس على العقل الأمر فلا يعرف هل الحكم الذي صدر مطابق للقانون أم مخالف له حيث مطاطية النص القانوني تجعل باب التأويل في كثير من القضايا متروكا لتقدير القاضي و كذلك الجاني و المجني عليه. نحن لا نتحدث في القضايا الكبيرة البائنة بينونة كبرى و لكن عن كثير من القضايا التي أفرزتها مستجدات العصر. لن أفصل في النصوص القانونية أكثر فالأمر متروك لرجال القانون الذين نتمنى أن يقوموا بتشريح للنصوص القانونية و الأحكام الصادرة و يقارنوا بين الأحكام الصادرة في القضايا المتشابهة ويعرفوا لنا هل نالت جميعها نفس الحكم؟ أم العبارات المطاطة أوجدت مساحة كبيرة لتقدير القاضي وأنتجت أحكاما مختلفة رغم تشابه القضايا في بعض الأحيان تماما عند اختلاف القاضي الأمر الذي جعل المواطن يعتقد أنه نال حكما ظالما بالمقارنة بما ناله الآخرون؟
ربما يعتقد البعض أن هذا الموضوع –إعادة مراجعة القوانين العمانية- أصغر من أن نطلق عليه قضية وطنية عاجلة ويعتبر الباحثين عن عمل و الاقتصاد و التعليم و الصحة قضايا أجدر بأن توضع في هذه المرتبة و لكن هذا القول لا يستقيم فكلها إذا أسست على فكر قانوني صحيح تستقيم. فعندما يعتقد المواطن ولو كان واحدا فقط بأن ميزان العدالة في وطنه به خلل فهذه كارثة عظمى وقضية أكبر من جملة المطالب الخدمية. عندما يعتقد المواطن بأن القاضي ظالم و الهيئات القيادية العليا متواطئة مع الأقوى فهذه مصيبة سوف تشل الوطن وتنخر منجزاته، وحينها لن يبحث المقهور عن مبررات للقاضي و لا للقانون ولا للعدالة برمتها ولا للقيادة بل سيترسخ لديه شعور عميق أن لا طريق للعدالة في الوطن و أن لا خيارات أمامه إلا أن يكون ضعيفا مغلوبا على أمره أو قويا محتالا أو متمردا ساخطا يبحث عن طريق وهنا عمق الجرح.
لقد قطعنا كدولة (حكومة وشعبا) شوطا كبيرا في بناء البنية التحتية الخدماتية في البلاد لكنا و هنا يجب أن نعترف بشفافية لازلنا بحاجة لأن نقطع شوطا أكبر في بناء مؤسسات القانون و مؤسسات المجتمع المدني. لا أريد أن أدخل المواضيع في بعض رغم ارتباطها و لكن يجب فعلا أن يتم تبني سياسة قانونية جديدة أكثر انفتاحا على مستجدات العصر و أكثر فهما لهموم المواطن و أكثر استيعابا بأن المجتمع العماني تغير كثيرا عما سبق وأصبح أكثر وعيا.