الأحد، 20 فبراير 2011

ذكاء الإعلام الحكومي (१/२)

التعامل مع المسيرة الخضراء التي انطلقت من مسقط العامرة و التي شارك فيها أفراد من جميع مناطق السلطنة من المقيمين في العاصمة مسقط يظهر وجها حضاريا جميلا للوطن كما يظهر أن هناك جيلا جديدا يتوق لأن يوصل صوته و يصر على أن يسمع و يسعى لأن يشارك لا أن يقصى।هناك الكثير من الأشياء الإيجابية من طرف الأجهزة الأمنية فهناك فهم جيد لظروف المرحلة الراهنة –وإن كنت اعتقد أن هذا الفهم جاء بقرار سياسي لا أمني-، المسيرة سارت بسلام فالعماني يحب السلام بفطرته شعبا كان أم حكومة।
ما لفت الانتباه أن كانت هناك تغطية إعلامية لا بأس بها إذا قارنها بأداء الإعلام العماني قبل بضع ساعات من المسيرة ولكنه طبعا بالمقارنة مع العصر الذي يتواجد فيه الإعلاميون من هرم إلى قاعدة كل من له علاقة بالاعلام المكتوب و المرئي و المسموع في بلادنا هو إعلام لا يرقى لأدنى حدود المسؤولية و الشفافية لنقل الخبر بشكله الصحيح للداخل قبل الخارج.
رؤساء العالم المتحضر في جدولهم اليومي أول ما يقوموا به هو تصفح الصحافة اليومية،بل إن كثيرا منهم يقول طالعت في الصحيفة فعرفت أن هناك مشكله في وطني وليس هذا فقط بل إن التحليل الصحفي أو الإعلامي العام قد يقدم له مجموعة الحلول الناجحة لتخطي الأزمة الصعبة।

سوء أداء الإعلام العربي عموما جعل الحكومات تغط في سبات إلى حين وقوع الكارثة، ماذا سيضر لو أن تلفزيون عمان أعطي الميكروفون لأحد المشاركين في المسيرة وجعله يعبر عن رأيه ليقول "نحن نحب جلالة السلطان –حفظه الله- لكننا لنا مطالب و ننادي بمحاربة الفساد وبوجود وزراء شباب و حل مشاكل الباحثين عن عمل و صلاحيات أكثر لمجلس الشورى......" هذا القول يقال في النت و المقاهي و المكاتب و الشوارع و الجامعات و المدارس و عبر الرسائل القصيرة و كل أجهزة التواصل و الاتصال، فمن الذي لا يراد له معرفة ما يقال؟ بالطبع ليس الشعب ببسطائه ومثقفيه فما يقال ليس بجديد عليهم.

حسنا الإعلام الرسمي أخفق في مساعدة الحكومة في حل المشكلة، لكن كيف يفترض أن يفعل لو لم يخفق؟

أولا: المسيرة معلنة قبل بفترة زمنية لا بأس بها يعني كان يملك الوقت الكافي ليقوم بتقديم وجه نظر صادقة و تحليلية للجهات الأمنية في البلاد و التي هو قريب ومقرب جدا منها،يعني مثلا يسأل
- ماذا سيحدث في يوم 18/2/2011؟ مسيرة لمجموعة من الشباب العماني.
- ما هدف هذه المسيرة؟ إعلان الولاء لجلالته و مطالب إصلاحية
- ولماذا يقولون ولاء ثم ينتقدون؟ لأن هناك ظاهرة في الوطن العربي تدعوا لاسقاط الأنظمة الحاكمة و هم يريدون أن يؤكدوا أنهم لم يركبوا هذه الموجه بل هم شباب يرغبون فعلا بالإصلاح وتحت ظل جلالته و يحبون جلالته حفظه الله.
- ولماذا الآن يطالبون بالإصلاح؟ إنهم منذ سنين يطالبون بذلك عبر الانترنت فلا جديد في المطالب فقط اختلفت الوسيلة.
- أوليس اختيار التوقيت تقليد؟ على العكس هو مخالفة للأخر فالأخر فعل مثلما فعلوا خلال سنوات يشتكون يتذمرون في الانترنت و عندما خرجوا خرجوا مطالبين بإسقاط النظام لم يقبلوا الحوار أو التقدم بمطالب رغم أن حكوماتهم أعلنت أن كل مطالبهم مشروعة! فلذلك الشباب لدينا خالفوهم وخرجوا يعلنون الولاء و يطرحون مطالبهم للحكومة في عريضة ليقولوا الحكومة و الشباب يد واحدة وهذه يد الشباب ممدودة للحكومة.
- وهل يجب أن نغطي هذه المسيرة؟ نعم
- لماذا؟ لأسباب أمنية و دولية و وطنية، نحن لا نعيش في جزيرة لوحدنا و تقنية الاتصالات قد وصلت للناس أجمعين ستصور و تتداول و تبث لمدى أبعد و أكثر انتشارا من مدى وسائل إعلامنا لذلك تعتيمنا على الخبر لا يعني عدم انتشاره بل تخلفنا نحن عن ركبه و كذلك يعني إفساحنا المجال لأن يؤوله الغير كما يشاء و يستخدمه كما يشاء.
- وما الضرورات الأمنية و الدولية و الوطنية هنا؟
الضرورة الأمنية هو أني بتغطية الخبر و الحوار مع أولائك الشبان يعرف ماذا يريدون كما يشعرهم بالرضاء و الطمأنينة بأن صوتهم وصل عاليا و مطالبهم تم التعامل معها بشفافية إعلامية و أن الحكومة صادقة في الإصغاء إليهم، ثم يجب أن لا ننسى أن لربما هناك شريحة من المتعاطفين و شريحة من المترددين، بالطبع عند اجراء الحوارات و اللقاءات أول ما سيتلفظ به أولائك الشباب أنهم يدنون بالولاء لجلالة السلطان-أيده الله وحفظه- ولكنهم فقط يرغبون بوصول صوتهم لجلالته فلا يعقل أن يقابل السلطان جميع أفراد الشعب ولكن عندما يظهر في الاعلام الحكومي هذا لشعب ليعبر عن رأيه بصدق سيكون على ثقة بأن صوته قد وصل. وأيضا لو حاول غيرهم الدعوة لمسيرة أخرى في منطقة أخرى سيكون السؤال وبماذا ستطالبون؟ لن تخرج المطالب عن تلك المطالب المرفوعه مسبقا،وسيزيد الإعلام الحكومة ثقه بنفسها وبشعبها و سيصنع جدل في أوساط الشباب ينتهي إلى أن هناك مساحة كبيرة من الديمقراطية مطالبكم سمعت على الملا فلا حاجه لأن تجرجرون في الشوارع، اللعب على العامل النفسي ضروري جدا يجب عدم كبت الشباب لأن الكبت يولد الانفجار و الاعلام يجب أن يحول دون ذلك،فليقولوا وليطالبوا فالحكومة تستمع،بل تلك المطالب وتلك التصورات تساعد الحكومة على فهم الجيل الجديد من شعبها وصدقون هو جيل يتوق للديمقراطية أكثر من فرصة العمل و للتعبير عن رأيه أكثر من لقمة العيش و لأن يحس أنه فعال في صنع القرار أكثر من القرار نفسه،على الأمن أن يعي أنه يتعامل مع جيل مختلف.
ودوليا نظهر للعالم وجه ديمقراطيا رائعا و وطنينا تلك المطالب تساعد في فهم متطلبات المرحلة المقبلة.
وثانيا:..........................
للحديث بقية