قراءة في بعض مما حدث (3-3)
الأربعاء, 08 يونيو/حزيران 2011 03:09
منى سالم جعبوب
-
في الوقت الذي كان فيه المعتصمون و الجيش و الشباب و الأطفال و الشيوخ والأعيان المثقفون وكل المؤيدين و المشككين كلٌ يعتقد أنه يؤدي واجبه كدنا نخسر وطنا.
من المضحكات المبكيات في كل ما جرى في وطني أن لا أحد يشعر بأنه أخطأ و أن الجميع يعتقد بأنه على صواب وغيره هو المخطئ. تداخلت و إلتبست الأمور على أغلبية الناس من العامة و الخاصة بطريقة تربك الجميع بحيث الكل تأتيه لحظات يشعر أنه ربما لا يعلم لماذا قال وتصرف هكذا!! فٍقد ظهر جدل عميق حول قدرتنا على الالتزام الحقيقي بقوانيننا وفهمها بحيث يصبح كل فرد في أي مؤسسة في هذا الوطن يعرف أن هنا تبدأ مهام مؤسساته و تلك مهام مؤسسات أخرى، والحق أيضا لقد ظهر ارتجال و تداخل تجلى معه أننا كدولة مؤسسات سُلّمُنا بات جاهزاً لكن إلى الآن لم نضع أقدامنا عليه بشكل ثابت و واثق.
لنكن أكثر وضوحا: الشرطة كثير من أفرادها لا يعرفون الحد الفاصل بينهم و بين الادعاء العام، وكذلك الجيش، كما أن أعضاء مجلس الشورى –ممثلي الشعب- ظهر كثير منهم كناطقين باسم الحكومة لا كناقلين لصوت الشعب، الجمعيات الأهلية اختفت من المشهد و البيانات أصبحت تصدر من مجموعة الأفراد، و في عالم الاتصالات جرم الفرد يعاقب عليه موقع قام بنقله و شركات الاتصالات تقطع جميع خدماتها عن منطقة يقرر الجيش دخولها، وكلفت أطراف عديدة و أفراد من مؤسسات و جهات مختلفة بحيث أصبح المشهد سوق مزايدات على الوطن لأن الكل يريد أن يثبت أنه أكثر وطنية من الآخر فخوننا و شككنا وسفهنا بعضا بحيث كدنا نخسر وطنا، وقام البعض بتجديد الولاء، و المخجل أن تتلقى اتصالا من خارج الوطن يسأل فيه أحدهم ماذا يحدث لديكم؟ ويردف سمعنا أن هناك قبائل لديكم سحبت الولاء وهي الآن تقوم بإعادته، فكيف حدث ذلك؟
مواقف مرتبكة بعقلية قبلية وعسكرية تجعلك تعود للقرون الوسطى و تشعر بالخجل ولا تعرف ماذا تقول. المرء يتصبب عرقا عندما يتخيل أن صحفنا لربما تصل للخارج فيقرأ الناس من خارج أو حتى داخل السلطنة القبيلة الفلانية و المنطقة الفلانية يجددون الولاء كما يقرأ ويسمع بأن الحكومة العمانية انهت الاعتصامات بواسطة الجيش، ماذا سيتبادر لذهنهم و ماذا سيقولون عن حكومتنا و ما يحدث داخل السلطنة؟ مواقف مرتبكة تدل على عقليات قديمة لم تدرك بعد أن في أربعين عاما انتقلنا لدولة مؤسسات علينا أن نسعى لتفعيلها.
أنا شخصيا كنت أرى أن في ظل الأحداث الإقليمية استمرار الاعتصامات رغم سلميتها قد توفر بيئة خصبة للفوضى في حالة حدوث تغير ما على الساحة الإقليمية، لكن المبادئ لا تقبل التجزئة مهما كانت الظروف و لا أصعب من الالتزام بها في وقت القلاقل. النظام الأساسي للدولة يكفل ذلك. إذن لا بد من عدم مصادرة أي حق يكفله القانون و واجب الجهات الأمنية المراقبة من بعيد بالعكس ربما هي فرصة لن تتأتى للجهات الأمنية مراقبة كل الأمزجة في مكان محدد و معلوم وهنا تكمن المشكلة، لتراقب دون أن تتدخل على أرض الواقع يعني يجب أن تمتلك الكثير من الصبر وهذا ما لا تمتلكه العقلية العسكرية التي تدير جزءا من العملية من جهة الحكومة و العقلية القبلية التي تدير الجزء الآخر من جهة الشعب و الجزء المدني من الحكومة.
عموما ظهرت على السطح كثير من الإشكاليات:
- أولا هل ما يكفله القانون نحترمه جميعا؟
- هل ما للجيش للجيش و ما للشرطة للشرطة؟
- هل المؤسسات الأهلية ذات مصداقية؟
- هل الشراكة الحقيقية بين المجتمع و الحكومة موجودة؟
فقد كان القائمون على إيجاد الحلول يُغيّبون دون قصد ربما الشراكة الحقيقية بين الحكومة و المجتمع فيرون أن على الشيوخ و المثقفين و الأعيان القيام بدورهم بعيدا عن الحكومة و الحكومة كذلك تقوم بدورها بعيدا عن المجتمع. والحقيقة أن كل عمل يقوم به المجتمع بمعزل عن الحكومة هو عمل فردي مهما كثر عدد منفذيه و كذلك العمل الذي تقوم به الحكومة دون اشراك المجتمع هو عمل فردي مهما كثرت الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذه.
ولكن ماذا لو شكلت لجان في كل منطقة تبنى على شراكة حقيقية و تتصل مباشرة بديوان البلاط السلطاني أو بمكتب صاحب السمو نائب رئيس مجلس الوزراء تتكون من شباب يتمتعون بالذكاء ومسؤولين، كذلك شباب يتسمون بالعقلانية و القدرة على تقبل ونقل الرأي الآخر، أي لابد أن يكونوا شبابا تحرروا من العقلية القبلية و العقلية العسكرية، لأن الأولى لا بد من أن تكون منحازة و جائرة و متعصبة و تكره الصواب إن لم يأتِ من صلبها و الثانية لا تعرف سوى لغة القوة و تنفيذ الأوامر وترى أنها لا تواجه سوى الأعداء وتلك عقيدتها. لذلك فتلك اللجان نحن أحوج لها الآن من أي وقت مضى حتى لا نسيء لبناة و حماة و أجيال في وطننا الغالي، أي هي ضرورية حتى لا نخسر وطنا بين العقلية القبلية و العقلية العسكرية
الأربعاء, 08 يونيو/حزيران 2011 03:09
منى سالم جعبوب
-
في الوقت الذي كان فيه المعتصمون و الجيش و الشباب و الأطفال و الشيوخ والأعيان المثقفون وكل المؤيدين و المشككين كلٌ يعتقد أنه يؤدي واجبه كدنا نخسر وطنا.
من المضحكات المبكيات في كل ما جرى في وطني أن لا أحد يشعر بأنه أخطأ و أن الجميع يعتقد بأنه على صواب وغيره هو المخطئ. تداخلت و إلتبست الأمور على أغلبية الناس من العامة و الخاصة بطريقة تربك الجميع بحيث الكل تأتيه لحظات يشعر أنه ربما لا يعلم لماذا قال وتصرف هكذا!! فٍقد ظهر جدل عميق حول قدرتنا على الالتزام الحقيقي بقوانيننا وفهمها بحيث يصبح كل فرد في أي مؤسسة في هذا الوطن يعرف أن هنا تبدأ مهام مؤسساته و تلك مهام مؤسسات أخرى، والحق أيضا لقد ظهر ارتجال و تداخل تجلى معه أننا كدولة مؤسسات سُلّمُنا بات جاهزاً لكن إلى الآن لم نضع أقدامنا عليه بشكل ثابت و واثق.
لنكن أكثر وضوحا: الشرطة كثير من أفرادها لا يعرفون الحد الفاصل بينهم و بين الادعاء العام، وكذلك الجيش، كما أن أعضاء مجلس الشورى –ممثلي الشعب- ظهر كثير منهم كناطقين باسم الحكومة لا كناقلين لصوت الشعب، الجمعيات الأهلية اختفت من المشهد و البيانات أصبحت تصدر من مجموعة الأفراد، و في عالم الاتصالات جرم الفرد يعاقب عليه موقع قام بنقله و شركات الاتصالات تقطع جميع خدماتها عن منطقة يقرر الجيش دخولها، وكلفت أطراف عديدة و أفراد من مؤسسات و جهات مختلفة بحيث أصبح المشهد سوق مزايدات على الوطن لأن الكل يريد أن يثبت أنه أكثر وطنية من الآخر فخوننا و شككنا وسفهنا بعضا بحيث كدنا نخسر وطنا، وقام البعض بتجديد الولاء، و المخجل أن تتلقى اتصالا من خارج الوطن يسأل فيه أحدهم ماذا يحدث لديكم؟ ويردف سمعنا أن هناك قبائل لديكم سحبت الولاء وهي الآن تقوم بإعادته، فكيف حدث ذلك؟
مواقف مرتبكة بعقلية قبلية وعسكرية تجعلك تعود للقرون الوسطى و تشعر بالخجل ولا تعرف ماذا تقول. المرء يتصبب عرقا عندما يتخيل أن صحفنا لربما تصل للخارج فيقرأ الناس من خارج أو حتى داخل السلطنة القبيلة الفلانية و المنطقة الفلانية يجددون الولاء كما يقرأ ويسمع بأن الحكومة العمانية انهت الاعتصامات بواسطة الجيش، ماذا سيتبادر لذهنهم و ماذا سيقولون عن حكومتنا و ما يحدث داخل السلطنة؟ مواقف مرتبكة تدل على عقليات قديمة لم تدرك بعد أن في أربعين عاما انتقلنا لدولة مؤسسات علينا أن نسعى لتفعيلها.
أنا شخصيا كنت أرى أن في ظل الأحداث الإقليمية استمرار الاعتصامات رغم سلميتها قد توفر بيئة خصبة للفوضى في حالة حدوث تغير ما على الساحة الإقليمية، لكن المبادئ لا تقبل التجزئة مهما كانت الظروف و لا أصعب من الالتزام بها في وقت القلاقل. النظام الأساسي للدولة يكفل ذلك. إذن لا بد من عدم مصادرة أي حق يكفله القانون و واجب الجهات الأمنية المراقبة من بعيد بالعكس ربما هي فرصة لن تتأتى للجهات الأمنية مراقبة كل الأمزجة في مكان محدد و معلوم وهنا تكمن المشكلة، لتراقب دون أن تتدخل على أرض الواقع يعني يجب أن تمتلك الكثير من الصبر وهذا ما لا تمتلكه العقلية العسكرية التي تدير جزءا من العملية من جهة الحكومة و العقلية القبلية التي تدير الجزء الآخر من جهة الشعب و الجزء المدني من الحكومة.
عموما ظهرت على السطح كثير من الإشكاليات:
- أولا هل ما يكفله القانون نحترمه جميعا؟
- هل ما للجيش للجيش و ما للشرطة للشرطة؟
- هل المؤسسات الأهلية ذات مصداقية؟
- هل الشراكة الحقيقية بين المجتمع و الحكومة موجودة؟
فقد كان القائمون على إيجاد الحلول يُغيّبون دون قصد ربما الشراكة الحقيقية بين الحكومة و المجتمع فيرون أن على الشيوخ و المثقفين و الأعيان القيام بدورهم بعيدا عن الحكومة و الحكومة كذلك تقوم بدورها بعيدا عن المجتمع. والحقيقة أن كل عمل يقوم به المجتمع بمعزل عن الحكومة هو عمل فردي مهما كثر عدد منفذيه و كذلك العمل الذي تقوم به الحكومة دون اشراك المجتمع هو عمل فردي مهما كثرت الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذه.
ولكن ماذا لو شكلت لجان في كل منطقة تبنى على شراكة حقيقية و تتصل مباشرة بديوان البلاط السلطاني أو بمكتب صاحب السمو نائب رئيس مجلس الوزراء تتكون من شباب يتمتعون بالذكاء ومسؤولين، كذلك شباب يتسمون بالعقلانية و القدرة على تقبل ونقل الرأي الآخر، أي لابد أن يكونوا شبابا تحرروا من العقلية القبلية و العقلية العسكرية، لأن الأولى لا بد من أن تكون منحازة و جائرة و متعصبة و تكره الصواب إن لم يأتِ من صلبها و الثانية لا تعرف سوى لغة القوة و تنفيذ الأوامر وترى أنها لا تواجه سوى الأعداء وتلك عقيدتها. لذلك فتلك اللجان نحن أحوج لها الآن من أي وقت مضى حتى لا نسيء لبناة و حماة و أجيال في وطننا الغالي، أي هي ضرورية حتى لا نخسر وطنا بين العقلية القبلية و العقلية العسكرية