الأربعاء، 30 مايو 2012

عمان و وحدة الخليج

في ظل التغييرات الإقليمية وتحدياتها بات الهاجس الأمني أكثر ما يؤرق دول الخليج العربي بدءا بالخطر الفارسي "إيران" ثم الربيع العربي والمشكلات الداخلية التي يعاني منها الخليجيون مضافا لها تلك القلاقل في دول الجوار –العراق واليمن-. وفي ظل كل ذلك طرحت فكرة وحدة الخليج العربي التي يفترض أنها فكرة قديمة بدأت منذ قيام الإمارات العربية المتحدة ووصولا إلى إنشاء مجلس التعاون الذي كان يفترض أن يكون تمهيدا لقيام الوحدة الخليجية المزعومة لكن دول الخليج حبت كالسلحفاة في التعاون نفسه ثم فجأة بسبب الخطر الأمني طرحت الوحدة وقيل يجب الانتقال إليها.
المشكلة أن الأفكار دائما لدى العرب أو فلنقل لدى كبار العرب تولد غير واضحة الرؤية ومشكوك دائما في إمكانية نجاحها وذلك لأن للأسف زعماؤنا ينظرون لنا بريبة، فقراراتهم دائما في دهاليز مظلمة بل وحتى في غرفهم المغلقة يخرجون دون أن يخبروا بعضهم بالحقيقة، فلا شفافية، ولا نوايا صادقة لديهم و طالما حالهم كذلك، فالتخبط حليفهم في كل مشروعاتهم والضحية دوما نحن.
المهم ما يعنينا من كل ذلك أن الوحدة الخليجية باتت تطرح بجدية لمواجهة الخطر الإيراني والربيع العربي فبات لابد من توازنات للقوى في المنطقة حتى لا تبقى إيران القوة العظمى في المنطقة، خاصة أنها دولة قائمة على أيدلوجية مذهبية معادية للغرب، فكان الحل يتمثل في إيجاد دولة شبيهة بها أي أيديولوجية بنفس المواصفات بحيث تكون هناك دولتان إسلاميتان وإحداهن  شيعية فارسية و الأخرى سنية عربية وقد صور البعض رفض عمان لمشروع الوحدة الخليجية لأنها لا سنية و لا شيعية و لكن ليس هذا هو السبب الذي يدفع عمان للرفض فعمان لم تكن في يوم من الأيام دولة مذهبية و لكن إذا اصبحت دولة الوحدة مذهبية فيجب أن نرفضها جميعا لأن الايديولوجيا الواحدة المعادية للمخالف  في ظل اثنيات متعددة تدفع للتفكك و بالطبع فهناك اسباب كثيرة أخرى تدفعنا كعمانيين لرفض الوحدة الخليجية المفاجئة رغم القناعة التامة بأن لا محال يوما من الأيام سيحد العرب جميعا في نهضة عربية أو اسلامية عظمى و ما هي إلا مسألة وقت فحسب وستكون الوحدة بإذن الله، ولكن ما طرح الآن دون دستور معلن للعامة قبل الخاصة سيستفيض النقاش فيه في جميع الأوساط الشعبية و النخبوية و السياسية ليتدرج في تنفيذه وفق جدول زمني إذا لم يحدث  فلعمان كل الحق في رفض تلك الوحدة ليس لأنها تعتبر نفسها خارج الكيان الخليجي العربي بل لأنها الدولة الأقدم تاريخيا و الأكثر وعيا بمفهوم الدولة و من حقها أولا أن تتساءل ما هو وضعها في هذا الكيان الخليجي الوحدوي؟ وكذلك هل هذا الكيان متماسك بحيث يضحى لأجله بالدولة المستقلة؟
 وحتى نكون أكثر وضوحا فالدولة الموحدة يراد لها أن تكون ايديولوجية أو بتعبير أكثر وضوح يراد لها أن تكون السعودية الكبرى أي التوسع في النموذج السعودي ليشمل رقعة أكبر من الجزيرة العربية و على هذا الأساس نرفضها لأنه بالتجربة ثبت ثقل الجسد في ظل الطائفية المستشرية، لكن إذا كان الأمر غير  ذلك  وتلك الوحدة هي الوحدة التي طالما حلمنا بها فلابد لها من دستور أولا يوضح لنا شكل و ماهية ذلك الاتحاد فالحق أن الوحدة السياسية من حيث المضمون تكاد تكون متحققة فالانظمة السياسية متشابهة و المواقف اتجاه القضايا الداخلية والخارجية واحدة و في الأزمات يتجلى التوافق و الاتفاق أكثر لذلك الوحدة التي يجب أن تقوم بين دول الخليج العربي هي الوحدة الاقتصادية و التعليمية و الدفاعية من خلال كنفدرالية يتفق عليها لضمان حقوق الجميع. بحيث تكون هناك مؤسسة واحدة  في المجالات الثلاثة -الاقتصادية، التعليمية، الدفاعية-  بطريقة ترضي طموحات الشعوب وكذلك زعماء الخليج ورغم أن الهاجس الأمني هو مفجر فكرة الوحدة الخليجية لكنه وحدة من سيعيق الوحدة الخليجية باختصار من سيكون قائد الجيش الخليجي الموحد و من هم الأكثر عددا  ورتبا في هذا الجيش؟ وبأمر من سيحرك الجيش الخليجي؟ وهل سيخاف الزعماء الخليجين على عرشهم من الجيش الخليجي الموحد؟
عموما من حقنا في عمان أن نرفض تلك الوحدة المزعومة التي ظاهرها أيديولوجي ودافعها أمني. ولكن أيضا ما هو وضع عمان لو حدثت وحده خليجية وعمان خارجها؟!

http://www.alroya.info/ar/citizen-gournalist/visions/34627----