الخميس، 1 يوليو 2010

الخمر والعظماء،،،








هناك فطرة إنسانية معينة ترفض الخمر،ليس بالضرورة أن تكون مستقاة من الأديان فيوجد أديان سماوية تحلل الخمر كالمسيحية بل ويوزع الخمر فيها ويحتسى في دور العبادة لكن السليقة و الفطرة السوية ترفضه!!!


بالطبع لما أكتب هنا علاقة بمقال معاوية الرواحي حول تقنين تداول الكحول وما أثار ذاك المقال من ضجة و ردود أفعال لا أعتقد أن في تاريخ المقال العماني أن حظي مقال بمثل ما حظي به هذا المقال،ولكن ليس السبب في كتابتي هذه ذاك المقال فقد كان بالامكان أن تكون الكتابه في حينها ولكن السبب الرئيس هنا أني كنت أقرأ كتاب "هذا هو الانسان" لفريدريش نيتشه،فقرأت فيه قوله


"كصبي كنت أعتقد أن شرب الخمر تماما مثل التدخين،يبدأ كمجرد غرور شباب ثم يتحول من بعد إلى عادة سيئة...وفي حوالي منتصف العمر رحت أتخذ موقفا أكثر صرامة ضد المشروبات الروحية...لا أراني إلا مقصرا مهما فعلت في نصح كل ذي موهبة عقلية على الإمساك كليًا عن تناول الكحوليات الماء قادر على الإفاء بالغرض"




و يقول البعض "بأن الدكتور موريل وصف الخمر كدواء لهتلر ولكن الحقيقة هذه ليست بصحيحة فهتلر لم يقرب الخمر أبدا في حياته والسبب يعود في ذلك لأخلاقة النمساوية وهذه الصفة كانت من أكثر الصفات التي جعلت الشعب الألماني يُعجب بهتلر" وكتب السير تسجل لهتلر رفضه لشرب البيرة حين وصفها له أحد الأطباء فعلل لطبيبه رفضه بقوله:
"كيف يمكن للمرء أن يحتسي الخمر كدواء وهو لم يحتسيه طيلة عمره"!!! لقد فضل هتلر تجرع الألم على رشف الخمر وهو ليس مسلم و لا يلتزم بقانون سماوي هنا.




في الجاهلية عند العرب الخمر دلالة للعز و الجاه و الرفاهية وكان أمر مرغوبا و محببا،ولكن أكثر القريشيين جاهة ومال وبنونا وفصاحة وعزا كان يرفض شرب الخمر رغم أنه عاش وثنيا و مات وثنيا إلا أن الوليد بن المغيرة كان يرفض شرب الخمر ويحرمها على نفسه وبيته،وكذلك قيس بن عاصم السعدي ومقيس بن صبابة السهميّ عبد المطلب وأبو طالب وقصيّ بن كلاب وورقة بن نوفل وشيبة بن ربيعة وغيرهم من رجالات العرب العظماء في الجاهلية، وكان ذات المجتمع الجاهلي رغم كل رذائلة يشهد لهؤلاء الرجال برفعة النفس و يذكر فيما يذكر من محاسنهم تحريمهم الخمر على أنفسهم.




ثم جاء الاسلام فقام بما يمكن أن نسميه تقنين بيع و تناول الخمر فلم يسمح ببيعها في الأماكن القريبه من المساجد ولا يسمح بتناولها في أوقات الصلاة،ولكن النفوس العظيمة لم يرضها التقنين الذي جاء بهدف التدرج،وأي نفس وروح كروح ابن الخطاب الذي عز الاسلام به وخاف الشيطان من ظله، الفاروق ظل يقول : "اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فإنها تذهب بالعقل والمال" و تذهب بالعقل والمال لا كمثل ابن الخطاب يرفض تعطيل العقل قبل أي شئ ولذلك قدم العقل في دعائه لرب العالمين في إنزال الرد الشافي في الخمر و جاء التحريم.




العظماء في كل الثقافات و الأديان من عبدة الرحمن لعبدة الأوثان يقفون موقف الرافض لتداول الخمر وشربه مهما كانت الأسباب،،وهذه فطرة إنسانية في النفوس العظيمة،كما يرفضون أن يكونوا دعاة لإصباع الشريعة على الخمر!!



ثانيا: لو انطلقت دعوة تسمح بالتداول الميسر للخمور بدعوى الأثار بالغة على الصحة في ظل و جود المغشوش الناتج عن تعذر سهولة الوصول للنقي منه لوصلنا لدعاوي أخرى ربما أكثر خطورة تنطلق من ذات المنطلق،فلقد سمعت في احدى الدول العربية مواطن يسب و يشتم الحكومة ويحلف أنه لن يصوت للرئيس لأنه يمنع تداول الحشيش مما أضطر ابنه لشراء حشيش مغشوش فمات بسبب ذلك!!!


وفي إحدى الدول الأجنبية بعض الشباب يدعون أن تشرف الحكومات على بيع المخدرات لأن لصعوبة الوصول لها أصبح الشباب و المراهقين يتعاطون النوع المغشوش الذي يؤدي لأمراض وهلاك الشباب، فما كان إلا أن ظهر من يعرفون بالعقلانين في تلك المجتمعات و العقلانين هناك يحكمون عقولهم في اختيار الصحيح ويرفضون انتشار ما يعطل العقل،لقد نادى العقلانيون إلى دارسة للأضرار الناتجة عن السماح والأخرى الناتجة عن المنع قراءة عقلانية تظهر حجم الضرر الاقتصادي و الاجتماعي و الصحي،فظهرت في أوروبا و أمريكا وكندا دور و مصحات للعلاج المدمنين أكان الادمان سببه خمر أو مخدرات بل الآن في الدول المتقدمة هناك ألالف من العقلانيين الذي لا يشربون الخمر و يدعون للإمتناع عنها ويصرحون بأمانيهم لو كانت هناك قوانين تمنع تداول الخمر كما تمنع تدوال المخدرات.


ثالثا: توسيع قاعدة تقنين الخمر سيزيد من عدد المتداولين فالخمر يبدأ مغامرة طائشة وينتهي لإدمان،قد يغامر أحدهم،ثم بشرب شئ موجود أمام عينه وبسهوله يندم حيث لا ينفع ندم،سيدمن و لا خلاص له،فسن 18 أو 20 أو 22 ليست كافيه لإتخاذ القرار الصحيح من الخمر و عواقبه،وفي النهاية لا يوجد علاج للتخلص من هذا الإدمان متاحا في بلادنا و إذا وجد فتكلفته باهضة جدا تضيف أعباء،وتستقطع أموال أولى بها مرضى السرطان مثلا ممن ألقوا بأنفسهم للتهلكه.


رابعا: لا يمكننا بالتقنين أو بالسماح منع و جود المغشوش،ستزيد قاعدة المدمنين و سيكون من ضمنهم من لا يسعفهم ضيق الحال في شراء الفاخر و المنقى لذلك المشكلة الأساسية ستظل موجود ولكنهم سيزدادون.


خامسا: ما تقوم به الدوله حاليا هو التقنين و ما دون ذلك هي اتجاهات تسير يمينا أو يسارا.