وأنا في خضم صدمتي بسبب الحكم الابتدائي بالإغلاق المؤقت لجريدة الزمن تناولت الكتاب الصادر عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء –التي هرمت حسب رأيي للأسف الشديد- وفتحت الكتاب من النصف لأصل لورقة سعيد الراشدي -صاحب موقع سبلة العرب- والتي نقلت لكم منها السطور السابقة، والحق أني ضحكت فإذا كان القول بأن مديرة متغطرسة يستدعي أن يحيل الادعاء العام القضية للمحكمة فإنه وفق هذه العقلية يفترض أن تغلق الزمن للأبد وأن يحكم الصحفي ورئيس التحرير بمؤبد ويحرم حتى تداول اسمها على الألسن فالجرم أشنع بكثير من مجرد القول مديرة متغطرسة ولكن القاضي رغم بقاء العقلية القديمة -كما اعتقد- كان رحيما.
وحتى أكون صادقة فإني أجد أن من حق معالي الشيخ وزير العدل أن يتظلم للقضاء، وكذلك أجد أن القانون يساند ما أصدر القاضي من حكم، وحين نجد المبررات للقاضي ولمعالي الوزير فإني في المقابل أجد أن المشكلة الحقيقية تكمن في قانون المطبوعات والنشر، نعم في القانون الذي يضع الكلمات المطاطة ولا يحمل التعريفات المناسبة ولا يتم تغييره وفق مقتضيات النضوج التي يصل لها المجتمع. والسبب الرئيس في رأيي الشخصي أننا لسنا مجتمعا مدنيا ذا مؤسسات حقيقية تقدم للحكومة ماذا يرى الشارع حول القوانين وتضغط في سبيل حدوث التغيير، ولذلك هناك فجوة بين المجتمع وبين تلك القوانين. لقد انفصل القانون العماني عن مجمل التطورات المتسارعة التي شهدها المجتمع العماني كما نرى للأسف الشديد. وبات القانون الذي ينتظر منه المواطن أن يكون الضامن له ولحقوقه وسبيله الوحيد للهروب من صراعات الماضي بات هذا القانون لا يستوعب أن المواطن العماني لم يعد مجرد ذاك المواطن الذي يطلب من القانون تطبيق القصاص للهروب من عادة الثأر بل أصبح هذه المواطن يعيش في عالم أكثر حداثة وتطورا ويعي الكثير من المفاهيم كحرية التعبير والأمن النفسي والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وكثير من المستجدات كالصحف الورقية والالكترونية والشبكة العنكبوتية والجمعيات المهنية والفكرية والخيرية، وأن هذا المواطن العماني ينتظر من القانون العماني أن يكون هو سبيله السلمي لتحقيق ذلك، والوصول لحياة تواكب العصر والنضوج الفكري. إنه ينتظر حياة كريمة يضمنها القانون قبل أن تبرز هنا وهناك صرخات تحدث شرخا وقلاقل والوطن لا يحتمل المزيد. ولذلك يجب أن يبادر كل المعنيين بهذا الشأن بمراجعة جادة وسريعة للقوانين العمانية وأن يشركوا جميع الشرائح والأطياف المعنية وأن تنشر تلك المراجعات بكل تفاصيلها فما يجب أن يعيه القانون أن تلك المفاهيم التي كانت في الماضي ضربا من ضروب الترف أصبحت مطلبا أساسيا من مطالب الحياة لا يمكن التنازل عنها.
ويبقى قرار إغلاق صحيفة خاصة قرارا يعطي إشارات غير إيجابية حول حقيقة تفعيل المؤسسات الحكومية للفكر الثاقب "لن نسمح بمصادرة الفكر"، كما تفتح الباب على مصراعيه لإعادة النظر في جدية ما يقال ومصداقية التعاطي مع هموم المواطن عندما يتجه للوسائل الرسمية الحديثة بعيدا عن الشوارع والدوارات والساحات. وفعلا لا نملك سوى أن نقول ليت المعنيين ردوا ردا شفافا ولا بأس أن يكون دفاعيا عما نسب لهم ولحقهم منه أذى وذلك في الصحيفة نفسها -الزمن- أو إحدى الصحف المملوكة للحكومة وجنبوا الوطن أزمة حرية التعبير بالحكم بإغلاق صحيفة نشرت صوت مواطن يعتقد أنه وقع عليه ظلم من طرف معين.
كما يجب أن نستمر كمواطنين يحلمون بوطن أقل قيودا وينعم باحترام صوت المواطن البسيط ويقدر المؤسسات التي تنقل صوته دون بتر ورتوش. نعم يجب علينا أن نستمر في المطالبة دون كلل أو ملل بمزيد من حرية التعبير التي يضمنها قانوننا لا يحاربها.
الجمعة، 30 سبتمبر 2011
في الحكم على الزمن
بالنسبة لحرية التعبير لا أستطيع القول أن ثمة حرية تعبير في عمان بالمفهوم الذي نتوقعه جميعنا، فعندما يتحدث القانون عن إهانة الكرامة -على سبيل المثال- فإن إهانة الكرامة مسألة جد مطاطة... سأضرب مثالا بإحدى الفتيات اللواتي حوكمن في قضية السبلة، إذ حوكمت هذه الفتاة بعد أن كتبت في أحد المواضيع أن مديرتها متغطرسة! تخيلوا أن تتم محاكمة شخص على عبارة كهذه... النقطة التي أود الوصول إليها هي عدم وضوح القانون، وعدم وجود تعريف واضح لتهمة إهانة الكرامة... ما أود التأكيد عليه أيضا أنه لا حرية بلا ثمن وأنها -أي الحرية- لا تمنح بل تنتزع انتزاعا وليس بالضرورة عن طريق القوة والعنف، بل بالمطالبة والإلحاح والسعي الحثيث... لأن المسؤولين الذين نطالبهم بالحريات في النهاية ليسوا سوى بشر مثلنا، وكلنا عمانيون" سعيد الراشدي--من ندوة "الكلمة بين فضاءات الحرية وحدود المساءلة"।
الأربعاء، 21 سبتمبر 2011
المواطنة
المواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً تعريب للفظة (Citizenship) التي تعني كما تقول دائرة المعارف البريطانية: "علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة متضمنة مرتبة من الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات، وتسبغ عليه حقوقاً سياسية مثل حقوق الانتخاب وتولي المناصب العامة"।
و هناك فرق كبير بين الانتماء و المواطنة، فالانتماء شعور نفسي نبيل يكنه الفرد لوطنه أو لجماعته أو لقيادته أو لعرق أو لفكر، و لكن المواطنة علاقة قائمة على ثلاثة أبعاد أساسية و هي:
-البعد السياسي
-البعد الاجتماعي
-البعد القانوني.
و السؤال الذي يفرض نفسه:
هل نحن حقا مواطنون؟ أم نحن مجرد أفراد يشعرون بالانتماء لهذا الوطن؟
لا يمكن هنا إعطاء أجوبة مطلقة فالوضع يختلف من شخص لآخر و لكن يجب أن نعلم جميعا أن الانتماء ما هو إلا جزء من البعد الاجتماعي أو النفسي كما يسميه البعض، و حتى هذا البعد ذاته لا يتأتى إلى من خلال المشاركة الفعالة كعضو نشط في مجتمع سياسي منظم، لذلك غالبا ما يوضع البعد السياسي للمواطنة قبل البعدين الاجتماعي و القانوني. و لا يمكن أن يوجد مجتمع سياسي حقيقي دون وجود دولة مؤسسات تقوم على أساس أطر قانونية تٌفصل العلاقة بين الأفراد في الدولة على اختلافهم الفكري و الوظيفي و العرقي كما توضح المهام المناطة بهم في قدر من المساواة و العدالة، ولذلك ظهر في كل دول العالم ما يعرف بالدساتير أو القوانين المنظمة لتلك العلاقة و التي يحق لنا أن نسميها عربيا النظام الأساسي للدولة، و الدولة بلا شك تعني الحكومة و الشعب. وعليه فإن تلك القوانين المنظمة ليست نوعا من أنواع الترف بل حقا شرعيا لكل فرد في الدولة سواء انتمى للطبقة السياسية أو للعامة ولذلك غالبا ما تراجع الدساتير من حين لآخر وفق المتغيرات في كل دولة لأنها هي الضامن للحقوق و لاستقرار البلدان.
و نحن يجب أن ندرك أنه بالمواطنة الحقيقية القائمة على مؤسسات حقيقية يشعر المواطن فيها أنه حر و مشارك فعال في صناعة القرارات و رسم السياسيات فقط يمكن أن تنعم الدول بالأمن و الاستقرار و أن تحقق ما يمكن أن نسميه الولاء المشترك رغم اختلاف الانتماءات، وكل ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال وجود مؤسسات مجتمع مدني كوجود برلمان ذي صلاحيات تنفيذية و تشريعية و رقابية و كذلك و جود الجمعيات بمختلف توجهاتها مهنية كانت أم فكرية أم اجتماعية، و بعدم وجود المجتمع المدني القائم على المؤسسات سيختلف الأفراد في الولاء رغم الاتفاق في الانتماء للوطن وهنا مكمن الخطر على الدول فلا يوجد مجتمع في العالم الأفراد فيه مستنسخون من بعض بحيث جميعا يشكلون جماعة متطابقة كليا.
عموما مجتمعنا العماني مجتمع قابل جدا لظهور ما يمكن أن نطلق عليه الصراع الفوضوي أو الجدلي أو اللاعقلاني، فنحن مجتمع متعدد الولاءات رغم اتفاقنا في الانتماء للوطن و لدينا تعددية فكرية و عرقية هائلة كجبل الجليد المغمور الذي لا يظهر سوى رأسه. إذن: هل نحن مجتمع مرشح للتفكك؟
في القراءة السريعة للوضع الراهن و لتركيبتنا الاجتماعية ودون الوضع في الحسبان لظهور أفراد و جماعات و سياسات و قوانين يمكن أن تعمل على وضع أساس حقيقي لمجتمع مدني قائم على مؤسسات فعالة و دولة مرتكزة على المؤسسات و القانون تذكي روح المواطنة، يمكن القول نحن مجتمع ليس فقط قابلا للتفكك بل للصراع وعداء بعد التفكك.
و هناك فرق كبير بين الانتماء و المواطنة، فالانتماء شعور نفسي نبيل يكنه الفرد لوطنه أو لجماعته أو لقيادته أو لعرق أو لفكر، و لكن المواطنة علاقة قائمة على ثلاثة أبعاد أساسية و هي:
-البعد السياسي
-البعد الاجتماعي
-البعد القانوني.
و السؤال الذي يفرض نفسه:
هل نحن حقا مواطنون؟ أم نحن مجرد أفراد يشعرون بالانتماء لهذا الوطن؟
لا يمكن هنا إعطاء أجوبة مطلقة فالوضع يختلف من شخص لآخر و لكن يجب أن نعلم جميعا أن الانتماء ما هو إلا جزء من البعد الاجتماعي أو النفسي كما يسميه البعض، و حتى هذا البعد ذاته لا يتأتى إلى من خلال المشاركة الفعالة كعضو نشط في مجتمع سياسي منظم، لذلك غالبا ما يوضع البعد السياسي للمواطنة قبل البعدين الاجتماعي و القانوني. و لا يمكن أن يوجد مجتمع سياسي حقيقي دون وجود دولة مؤسسات تقوم على أساس أطر قانونية تٌفصل العلاقة بين الأفراد في الدولة على اختلافهم الفكري و الوظيفي و العرقي كما توضح المهام المناطة بهم في قدر من المساواة و العدالة، ولذلك ظهر في كل دول العالم ما يعرف بالدساتير أو القوانين المنظمة لتلك العلاقة و التي يحق لنا أن نسميها عربيا النظام الأساسي للدولة، و الدولة بلا شك تعني الحكومة و الشعب. وعليه فإن تلك القوانين المنظمة ليست نوعا من أنواع الترف بل حقا شرعيا لكل فرد في الدولة سواء انتمى للطبقة السياسية أو للعامة ولذلك غالبا ما تراجع الدساتير من حين لآخر وفق المتغيرات في كل دولة لأنها هي الضامن للحقوق و لاستقرار البلدان.
و نحن يجب أن ندرك أنه بالمواطنة الحقيقية القائمة على مؤسسات حقيقية يشعر المواطن فيها أنه حر و مشارك فعال في صناعة القرارات و رسم السياسيات فقط يمكن أن تنعم الدول بالأمن و الاستقرار و أن تحقق ما يمكن أن نسميه الولاء المشترك رغم اختلاف الانتماءات، وكل ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال وجود مؤسسات مجتمع مدني كوجود برلمان ذي صلاحيات تنفيذية و تشريعية و رقابية و كذلك و جود الجمعيات بمختلف توجهاتها مهنية كانت أم فكرية أم اجتماعية، و بعدم وجود المجتمع المدني القائم على المؤسسات سيختلف الأفراد في الولاء رغم الاتفاق في الانتماء للوطن وهنا مكمن الخطر على الدول فلا يوجد مجتمع في العالم الأفراد فيه مستنسخون من بعض بحيث جميعا يشكلون جماعة متطابقة كليا.
عموما مجتمعنا العماني مجتمع قابل جدا لظهور ما يمكن أن نطلق عليه الصراع الفوضوي أو الجدلي أو اللاعقلاني، فنحن مجتمع متعدد الولاءات رغم اتفاقنا في الانتماء للوطن و لدينا تعددية فكرية و عرقية هائلة كجبل الجليد المغمور الذي لا يظهر سوى رأسه. إذن: هل نحن مجتمع مرشح للتفكك؟
في القراءة السريعة للوضع الراهن و لتركيبتنا الاجتماعية ودون الوضع في الحسبان لظهور أفراد و جماعات و سياسات و قوانين يمكن أن تعمل على وضع أساس حقيقي لمجتمع مدني قائم على مؤسسات فعالة و دولة مرتكزة على المؤسسات و القانون تذكي روح المواطنة، يمكن القول نحن مجتمع ليس فقط قابلا للتفكك بل للصراع وعداء بعد التفكك.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)