الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

النساء في ظفار (2-4) ظفار بحاجة لمعهد عالي للعلوم الشرعية



لا أعرف لماذا تذكرت ذاك الحوار الذي دار بين الصحفي الكويتي و زميله اللبناني الذي سبقه للوصول لظفار، ذاك الصحفي الذي جاء في نهاية الستينيات أو في بداية السبعينيات قال لزميله اللبناني هامسا:جميلات هن النساء هنا!! فرد عليه زميله بلهجة المحذر: ولكنهن شرسات.
قلت لها لقد رأيت أطياف و شرائح من المتدينات من جنسيات عربية مختلفة و ما و جدت مثل المطوعات في ظفار لا أجد لكن تصنيفا ربما أنتن الفصل الخامس الحائر بين الفصول الأربعة بكن مسح من صوفية و بصمة من أصولية و نكهة من جهالة و رسمة من وقار و لا تخلون من طيش فكري و مع ذلك فجميعكن تشتركن في شيء واحد جميعكن عدوات للقراءة ثقافتكن ثقافة استماع أخذتن عن فلان أو فلانة ما تتلمذتن على يد أمهات الكتب و كل من أراد أن يتشيخ و يجرب الإفتاء و المحاضرات بدأ بكن و ما فيكن فقيهة يمكن الرجوع إليها أو تستطيع الإفتاء أو تتبحر في المذاهب المختلفة أو حتى في مذهب و احد، قديما رغم الأمية كان لدينا فقيهات تشد الرحال لهن، نشرن العلم و تتلمذ على يدهن كثير ممن واصلوا بعدهن،فقد كانت هناك نساء لهن مدارس تعمل طوال اليوم دون مقابل منهن يأخذ العلم والآن حتى صاحبات المدارس غرقن في الصوفية و زيارة القبور و بعضا من الوعظ، و نسين لجهل ربما دروس الفقه و اللغة.
قديما عدد الحافظات للقرآن من النساء أكثر بكثير من الرجال و كن أيضا يعملن في المزارع و يربين أطفالهن و لديهن مواشي و يدرسن و يجدن الوقت لكل ذلك أما أنتن فماذا فعلتن لا شيء مجموعة غربان توشحتن السواد وعطلتن عقولكن و اعتقدتن أن الإسلام عباءة وصلاة فقط و الإسلام دنيا و دين يقوم على العلم لا الجهل !
قالت لي بلهجة أشعرتني أني أمام أسد مفترس لا تنم أو تمت بصلة لتلك التقاسيم الوديعة و براءة الطفولة التي في وجهها: ماذا قلتي؟!.
فأجبتها محاولة عدم إظهار خوفي منها: قلت الذي سمعتي.
فأجابتني: أنتِ هي الغراب الذي عطل عقلة تنظرين للأمور بسطحية ولا تدركين الحقائق،كلنا نعتقد أو هكذا أريد لنا أن نعتقد فاعتقدنا،فحتى أن النساء التي يقال أنهن أكثر نساء الأرض مضيق عليهن أجدهن أحسن حال في بعض الأمور منا فمنذ السبعينيات و معاهد العلوم الشرعية موجودة في عمان و لكن كلها للذكور هل يوجد معهد للعلوم الشرعية للنساء في عمان؟ هكذا أريد لنا هل تعلمي أن إذا أردت أن أصبح فقيهة كما تقولين يجب أن أترك وطني مهاجرة لليمن أو السعودية حيث الكليات و الجامعات التي تدرس علوم الفقه للنساء،ثم يقال جئتم بأفكار غريب و ثقافة دخيلة علينا ما وجدنا منهلا أخر غير الهجرة أو الاستماع و في كل الأحوال نحن رهن لأفكار ذلك الأخر و قد استعصى علينا تأويل و فهم أمهات الكتب التي تريدنا أن نتتلمذ عليها.
هذا الحوار و الذي كان في أساسه حوار خاص مع فتاة لفت انتباهي لقضية بالغة الأهمية لا يوجد معهد للعلوم الشرعية حاليا في ظفار أو أي منهل حكومي رسمي يقدم العلوم الشريعة ويتخصص بها،ذكرني أيضا بحادثة تكررت مرارا و أثارة زوبعة أستنكرها كثيرا لكنها إشارة غاية في الخطورة هناك كثير من المساجد لدينا باتت مهجورة من قبل كبار السن رغم ازدحامها بالشباب وعندما سألت قيل لي أن أئمة تلك المساجد لا يبسملون و لا يقنتون في صلاة الفجر رغم أن منذ العصور الغابرة ظفار شافعية والشافعي يقنت في صلاة الفجر و يبسمل وهكذا اعتادوا كبار السن،وعندما سُأل عن سر خروج هؤلاء الأئمة عن طريقة الشافعي في الصلاة قيل لي أن هؤلاء درسوا في دول مجاورة ليست على المذهب الشافعي و تعلموا طريقة الصلاة وفق مذهب تلك الدول التي تلقوا منها المعرفة،وليست هذه هي القضية فالاختلافات طفيفة جدا،كما أن ليست القضية هي تمسك هؤلاء بالمسائل الخلافية البسيطة و جعلها أساسية ولكن القضية الأساسية هي أن من يملك المعرفة يسير العقول دعونا نتحدث بشفافية الدولة ترى أن من حق هؤلاء كسنة أن يذهبوا للدول العربية أو غير العربية حتى التي تدرسهم الفقة وفق المذاهب السنية بل حتى حسب علمي توفر بعثات و تسهل أمور سفرهم وعادة طلاب العلوم الدينية أناس لا يعبوهن بالشقة وبعد المسافة بل يرون في ذلك مدعاة لمزيد من الأجر،ولكن ألم يئن الأوان أن يقام في عمان معهد عالي للعلوم الشرعية يدرس الفقة وفق كل المذاهب في السلطنة كما يدرس علوم فكرية و وطنية و قضايا داخلية.

العيد الأربعين منحنا جميعا حق إطلاق العنان لأحلامنا لنجد مكرمات تحققها و دعوني أعبر لكم عن كيف أتخيل هذا المعهد العالي: هذا المعهد له مبنى بسيط و جميل و كامل المرافق،وبه قاعات للطلاب و قاعات للطالبات،وبه سنتان تأسيسيتان يدرس فيها الطالب علوم عامة ضرورية فيدرس مختصر في المذاهب الثلاثة الموجودة في عمان الأباضي و الشيعي و السني كما يدرس مواد فكرية مكثفة عن التسامح الديني و التسامح المذهبي و يكثقف له دروس التي تنبذ التعصب كما تكثف له علوم اللغة العربية ويدرس التاريخ العماني و الجغرافيا العمانية،ثم في السنة الثالثة و الرابعة يختار الطالب أو الطالبة التخصص الذي يريده وفق المذهب الذي يريده فمثلا قد يختار فقة الإمام أبي حنيفة أو الفقة وفق المذهب الجعفري أو الأباضي أو المالكي أو الشافعي وقد يختار أن يتخصص في الدعوة أو العقيدة أو علوم الأديان فيدرس المسيحية و اليهودية و البوذية،كما أن المعهد العالي يخرج أيضا تخصصات أخرى كالحقوق و للغة لانجليزية و الفرنسية ولألمانية وكذلك الأدب العربي و العالمي و التاريخ و اللغة العربية و الإعلام الإسلامي و الفكر ولكن تلك التخصصات ستقتضي ثلاث سنوات أخرى مضافة للسنتين التأسسيتان، كما أن به مركز أبحاث في العلوم الاسلامية شرعية كانت أم فقية أم عقائدية أو قضايا إسلامية عامه ويكون هذا المعهد العالي ذو إصدارت يعتد بها لا تنشط حركة الاجتهاد لدينا في عمان فقط بل في جميع الدول الاسلامية وعلى مستوى جميع المذاهب بحيث لا يصبغ بصبغة مذهبية معينة بل يخرج علماء دين عمانيين يتحدثون لغات عالمية و متمكنين من لغتهم العربية و مسلحين بفكر رصين و قويم ومستند على معرفة علمية.
أرأيتم كيف الحديث مع النساء يقود لأفكار ليست في الحسبان،طبعا للحديث بقية...