الاجهزة الأمنية خاصة غير العسكرية منها -الاستخباراتية- هي صمام الأمان لأي دولة، ولذلك نجد تلك الأجهزة في دول العالم المتقدم تستقطب من شرائح المجتمع العقول الخلاقة لتمد أجسادها بالقوة و تصبح حصن الدول الحصين، و عندما نقول الدول نقصد الحكومات و الشعوب، و أكثر ما تعتمد عليه تلك الدول البحوث العلمية الميدانية، لذلك نجد الكثير من أشهر المراكز البحثية في أمريكا و بريطانيا و كندا وروسيا يقال بأنها تتبع لوكالات الاستخبارات في دولها أو تنفذ برامج بحثية معينة لتلك الدول، بل هناك مواقع إعلامية و قنوات فضائية و مطاعم و قهاوي تابعة لتلك الأجهزة، و يقال أن فكرة المنتزهات التي يقول فيها المرء ما يريد دون حسيب أو رقيب هي فكرة أمنية قصدت منها الأجهزة الأمنية الحصول على المعلومة بشفافية مطلقة.
الدول العربية للأسف الشديد تصرف الميزانيات الضخمة في تسليح أجهزتها بالعدة العسكرية في المقابل تهمل كثيرا مقدار ما تصرفه لتجعل من تلك الأجهزة مواكبة للعصر في طريقة التعامل و التعاطي مع المعلومة تحليلا و توظيفا و فهما لأسلوب العصر، ولذلك نستطيع أن نعمم و نقول لقد فشلت أجهزة الاستخبارات العربية جميعها في توفير رؤية صحيحة لبقية الأجهزة الأمنية -العسكرية- في كيفية التعاطي مع الأزمات الحالية التي تمر بها الحكومات العربية. فحسب ما تم تناقله فهناك ما يقارب من مليون نسمة منتسبين بطريقة أو بأخرى للاستخبارات المصرية، وإن كنت أجزم بأن هذا الرقم مبالغ به بشكل كبير لكنه إن دل على شيء إنما يدل على أن عدد المنتسبين لهذا الأجهزة عدد كبير جدا ولكن عندما اختبروا اختبارا حقيقيا اثبتوا انهم دون المستوى، فيا ترى أين يكمن الخلل؟!
ربما الخلل ناتج عن عدد كبير من الأسباب و لكن من أبرزها:
-طريقة اختيار المنتسبين بحيث لا يعتمد على المواهب الفطرية.
-توقفها عن استقطاب الخصوم و تحويلهم لعملاء.
-وقوعهم في مصيدة الشائعات.
-اعتماد اساليب قمعية بدائية.
-نقص الموازنات المالية غير العسكرية.
اعتمد العرب في تكوين الأجهزة الإستخباراتية على أن يضم المنتسبين الفعالين على جماعة الولاءات القديمة، بمعنى إذا كان أبي يعمل في أحد أجهزة الاستخبارات فقد أكون أنا أيضا عضوا في هذا الجهاز حتى و إن كنت لا أملك من المؤهلات الفطرية و القدرات الفردية ما يؤهلني لذلك بل قد أترقى و أصل لمناصب عليا و أرسم سياسات فقط لأن أبي رسم يوما سياسات في هذا الجهاز. فأصبحت تلك الأجهزة أشبه بالشركات المساهمة المغلقة و نأت بنفسها عن البحث الجاد عن العقول النيرة التي قد تخدم و تبث الحياة في تلك الأجهزة، وشيئا فشيئا دب فيها الوهن و شاخت فلم تعد تعي العصر الذي تعيش فيه و لا تفهم الأجيال التي تتعامل معها.
هناك لكل دولة من شعبها خصوم فكريون لا يتفقون مع ما تطرحه الحكومات من رؤى و برامج و يختلفون معها للحد الذي يصبحون فيه معارضين رسميين لها، و رغم أن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية موجودة في كل المجتمعات و المجتمع الشاذ هو المجتمع الذي لا يوجد به معارضون و موالون حيث سنه الله في الكون الاختلاف، لكن أجهزة الاستخبارات الذكية هي التي تحاول استقطاب المعارضين للانتساب لها ذلك لأنها تعي أن هناك فرقا بين المعارضة و التمرد و الثورة فتنسب عددا منهم لأجهزتها حتى تقدم للحكومة خارطة بها كيف يفكر هؤلاء؟ و ماذا يريدون؟ وماذا يرضيهم؟ وما هي الطريقة المثلى للتعامل معهم؟ بل في داخل الجهاز نفسه يكون هناك من يحلل أفكار ورؤى أولئك المعارضين المنتسبين للجهاز بل يصبح أولئك المعارضين فكريا و المنتمين وظيفيا لتلك لأجهزة فعالين جدا فيما لو حاولت المعارضة أن تتحول لتمرد و هم أساسا ليسوا عسكريين و لا منتمين انتماء مطلق للحكومات -بحكم الخلفية الفكرية التي ينتمون إليها- و عليه سيقدمون حلولا وسطا تنطلق من فهم للجميع و انتماء للطرفين و هي بحد ذاتها تعمل على ايجاد الحل السريع الذي يمنع تفاقم الأزمات داخل الدول.
الشائعات هي تلك الوسيلة التي اعتمدت عليها و تعتمد أغلب أجهزة الاستخبارات العالمية و لكن مشكلة الاستخبارات العربية أنها هي التي تصدق الشائعات لا الشعب المراد منه ذلك، بمعنى تطلق العديد من الشائعات التي القصد منها تحقيق هدف معين و من ثم يدخل منتسبي الجهاز لمكان اطلاق الشائعة سواء أكان عالما حقيقيا أم افتراضيا ليؤكدوا عليها ولكثرة عدد المنتسبين و عدد الصامتين من الشعب تروج تلك الاشاعة في أفواههم فتضلل تلك الأجهزة نفسها و الحكومات التي تعمل على خدمتها، فتبني خططها على أساس شائعات هي من أطلقتها لا على معلومات حقيقية فتبوء بالفشل.
من سوءات تلك الأجهزة أيضا اعتمادها على اساليب قمعية بدائية تعتمد على الأذى الجسدي متناسية أن العالم تطور و أن الحرمان من الثواب عقاب أشد أذى، كما أن الأساليب الخفية للعقاب أشد فعالية فبدل أن تستخدم اساليب خفية تجاهر بطرق بدائية قمعية من تصفيات جسدية، متناسية أنها في عصر نسبة التعليم و الذكاء فيه عالية جدا، كما أن مفهوم حقوق الانسان مفهوم عالمي وفردي مقدس فتعمد على الترهيب المباشر للأشخاص متناسية أن أصابع الاتهام ستتوجه لها حتى و إن كانت بريئة من ذاك الفعل. لذلك بعد كل عملية قمعية تزداد شعبية المقموعين و تصنع تلك الأجهزة منهم أبطالا و هم قد لا يستحقون البطولة و لأنها أيضا تطلق الشائعات و تصدقها توهم نفسها بأنها استخدمت الوسيلة الناجحة.
أيضا لا توفر الحكومات لتلك الأجهزة الموازنات المالية الكافية بحيث يصبح لها وجه حضاري و قاعدة صلبة لتوفير الخدمات اللوجستية لبقية الأجهزة الأمنية العسكرية فلا توفر لها مراكز أبحاث و قنوات تلفزيونية و لا تستقطب لها باحثين مرموقين و إعلاميين مؤثرين و شبابا قيادين، لأن ذلك يكلف الكثير من الأموال و يحتاج لموازنات ضخمة وهو الأمر الذي لا توفره الحكومات العربية لأجهزتها الاستخباراتية، و ربما على الموجودين على الهرم الإداري لتلك الأجهزة السعي بجد لإقناع الحكومات بأن العصر تغيير ويقفز قفزات نوعية وعليهم مواكبة العصر و تحديث أجهزتهم قبل أن تلفظها الأمواج
الدول العربية للأسف الشديد تصرف الميزانيات الضخمة في تسليح أجهزتها بالعدة العسكرية في المقابل تهمل كثيرا مقدار ما تصرفه لتجعل من تلك الأجهزة مواكبة للعصر في طريقة التعامل و التعاطي مع المعلومة تحليلا و توظيفا و فهما لأسلوب العصر، ولذلك نستطيع أن نعمم و نقول لقد فشلت أجهزة الاستخبارات العربية جميعها في توفير رؤية صحيحة لبقية الأجهزة الأمنية -العسكرية- في كيفية التعاطي مع الأزمات الحالية التي تمر بها الحكومات العربية. فحسب ما تم تناقله فهناك ما يقارب من مليون نسمة منتسبين بطريقة أو بأخرى للاستخبارات المصرية، وإن كنت أجزم بأن هذا الرقم مبالغ به بشكل كبير لكنه إن دل على شيء إنما يدل على أن عدد المنتسبين لهذا الأجهزة عدد كبير جدا ولكن عندما اختبروا اختبارا حقيقيا اثبتوا انهم دون المستوى، فيا ترى أين يكمن الخلل؟!
ربما الخلل ناتج عن عدد كبير من الأسباب و لكن من أبرزها:
-طريقة اختيار المنتسبين بحيث لا يعتمد على المواهب الفطرية.
-توقفها عن استقطاب الخصوم و تحويلهم لعملاء.
-وقوعهم في مصيدة الشائعات.
-اعتماد اساليب قمعية بدائية.
-نقص الموازنات المالية غير العسكرية.
اعتمد العرب في تكوين الأجهزة الإستخباراتية على أن يضم المنتسبين الفعالين على جماعة الولاءات القديمة، بمعنى إذا كان أبي يعمل في أحد أجهزة الاستخبارات فقد أكون أنا أيضا عضوا في هذا الجهاز حتى و إن كنت لا أملك من المؤهلات الفطرية و القدرات الفردية ما يؤهلني لذلك بل قد أترقى و أصل لمناصب عليا و أرسم سياسات فقط لأن أبي رسم يوما سياسات في هذا الجهاز. فأصبحت تلك الأجهزة أشبه بالشركات المساهمة المغلقة و نأت بنفسها عن البحث الجاد عن العقول النيرة التي قد تخدم و تبث الحياة في تلك الأجهزة، وشيئا فشيئا دب فيها الوهن و شاخت فلم تعد تعي العصر الذي تعيش فيه و لا تفهم الأجيال التي تتعامل معها.
هناك لكل دولة من شعبها خصوم فكريون لا يتفقون مع ما تطرحه الحكومات من رؤى و برامج و يختلفون معها للحد الذي يصبحون فيه معارضين رسميين لها، و رغم أن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية موجودة في كل المجتمعات و المجتمع الشاذ هو المجتمع الذي لا يوجد به معارضون و موالون حيث سنه الله في الكون الاختلاف، لكن أجهزة الاستخبارات الذكية هي التي تحاول استقطاب المعارضين للانتساب لها ذلك لأنها تعي أن هناك فرقا بين المعارضة و التمرد و الثورة فتنسب عددا منهم لأجهزتها حتى تقدم للحكومة خارطة بها كيف يفكر هؤلاء؟ و ماذا يريدون؟ وماذا يرضيهم؟ وما هي الطريقة المثلى للتعامل معهم؟ بل في داخل الجهاز نفسه يكون هناك من يحلل أفكار ورؤى أولئك المعارضين المنتسبين للجهاز بل يصبح أولئك المعارضين فكريا و المنتمين وظيفيا لتلك لأجهزة فعالين جدا فيما لو حاولت المعارضة أن تتحول لتمرد و هم أساسا ليسوا عسكريين و لا منتمين انتماء مطلق للحكومات -بحكم الخلفية الفكرية التي ينتمون إليها- و عليه سيقدمون حلولا وسطا تنطلق من فهم للجميع و انتماء للطرفين و هي بحد ذاتها تعمل على ايجاد الحل السريع الذي يمنع تفاقم الأزمات داخل الدول.
الشائعات هي تلك الوسيلة التي اعتمدت عليها و تعتمد أغلب أجهزة الاستخبارات العالمية و لكن مشكلة الاستخبارات العربية أنها هي التي تصدق الشائعات لا الشعب المراد منه ذلك، بمعنى تطلق العديد من الشائعات التي القصد منها تحقيق هدف معين و من ثم يدخل منتسبي الجهاز لمكان اطلاق الشائعة سواء أكان عالما حقيقيا أم افتراضيا ليؤكدوا عليها ولكثرة عدد المنتسبين و عدد الصامتين من الشعب تروج تلك الاشاعة في أفواههم فتضلل تلك الأجهزة نفسها و الحكومات التي تعمل على خدمتها، فتبني خططها على أساس شائعات هي من أطلقتها لا على معلومات حقيقية فتبوء بالفشل.
من سوءات تلك الأجهزة أيضا اعتمادها على اساليب قمعية بدائية تعتمد على الأذى الجسدي متناسية أن العالم تطور و أن الحرمان من الثواب عقاب أشد أذى، كما أن الأساليب الخفية للعقاب أشد فعالية فبدل أن تستخدم اساليب خفية تجاهر بطرق بدائية قمعية من تصفيات جسدية، متناسية أنها في عصر نسبة التعليم و الذكاء فيه عالية جدا، كما أن مفهوم حقوق الانسان مفهوم عالمي وفردي مقدس فتعمد على الترهيب المباشر للأشخاص متناسية أن أصابع الاتهام ستتوجه لها حتى و إن كانت بريئة من ذاك الفعل. لذلك بعد كل عملية قمعية تزداد شعبية المقموعين و تصنع تلك الأجهزة منهم أبطالا و هم قد لا يستحقون البطولة و لأنها أيضا تطلق الشائعات و تصدقها توهم نفسها بأنها استخدمت الوسيلة الناجحة.
أيضا لا توفر الحكومات لتلك الأجهزة الموازنات المالية الكافية بحيث يصبح لها وجه حضاري و قاعدة صلبة لتوفير الخدمات اللوجستية لبقية الأجهزة الأمنية العسكرية فلا توفر لها مراكز أبحاث و قنوات تلفزيونية و لا تستقطب لها باحثين مرموقين و إعلاميين مؤثرين و شبابا قيادين، لأن ذلك يكلف الكثير من الأموال و يحتاج لموازنات ضخمة وهو الأمر الذي لا توفره الحكومات العربية لأجهزتها الاستخباراتية، و ربما على الموجودين على الهرم الإداري لتلك الأجهزة السعي بجد لإقناع الحكومات بأن العصر تغيير ويقفز قفزات نوعية وعليهم مواكبة العصر و تحديث أجهزتهم قبل أن تلفظها الأمواج