حوار مع المعتصمين(3-3)
الاعتصامات لدينا في سلطنة عمان مختلفة تماما عن باقي الدول العربية وربما هذا ينطلق من خصوصيتنا التي نفخر بها دائما، العمانيون المعتصمون حاليا لا يحملون أية أهداف سياسية بل كما أوضح المعتصمون أنفسهم هي إعتصامات لأجل مطالب اقتصادية و اجتماعية في المقام الأول.لكنها أتت في اطار سياق إقليمي و دولي ساخط فاختلط على بعض من غير العمانيين الأمر. أللافت للانتباه أن هناك حالة من ضعف في الثقة وربما انعدامها لدى فئة الشباب في كل من ينتسب لمجلس الوزراء و الإعلام العماني و المثقفين وحتى علماء الدين.
لذلك على الرغم من علم الجميع بعدم ضلوعهم مطلقا في ما حصل إلا أن الغريب أن الجميع حاول ركوب الموجة و الظهور بمظاهر شتى و في كل تلك المراحل للظهور كان الشماعة التي سوف تعلق عليها الأخطاء شخوص الوزراء و ليس الوزارات وهنا يكمن الفرق،أي أن الشباب للأسف دون أن يشعروا استدرجوا بطريقة مقيتة لأن تكون حربهم مع شخص الوزير الفلاني أو غيره و عندما نقول الوزير لا الوزارة فإنا نقصد الشخص لا القوانين المُسيرة و السياسات المتبعة في مجال ما،لذلك خرجت تلك المطالب في كثير من الأحيان عن فائدة حقيقية تذكر لا على المدى القريب و لا البعيد ربما.وهذه شرك وقع فيه المعتصمين.
ظهر أيضا شيء من عدم نقل الحقائق أو ربما عدم الوعي بها بحيث صور أن بخروج فلان و إحلال فلان سوف يعود المعتصمون لبيوتهم وهي أقرب إلى حالة من تصفية الحسابات الشخصية وأبعد ما تكون عن حل للمشكلة الأساسية نحن الآن وبهذه الطريقة أبعد ما نكون عن الضبط و أقرب للارتجال.والمشكلة أن نريد أن نجعل كل أمورنا اجتهادات وعندما نترك مصيرنا للاجتهاد فيجب أن نضع في الحسبان أن المجتهد قد يُصيب و قد يخطي أي أنّا عرضة لأن يخطئ بنفس مقدار أن يصيب وربما بدرجة أكبر.وأيضا في المقابل لم تدرس الحقائق على اساس جميع المعطيات السابقة،وإنما ربط الحالي بالحالة العربية و تم التجاهل على الأقل على الساحة الثقافية العامة أن هذه الظاهرة وجدت في عمان قبل سنوات من الآن على أقل تقدير لدينا في محافظة ظفار قبل أعوام قريبة قام العمال العمانيين في ميناء صلالة باعتصام مطالبين بتحسين أوضاعهم و شوهِدت السفن ترسو دون تحميل أو شحن و حركة الميناء كانت إلى حد ما شبه متوقفة،كما شاهدنا جميعا في محافظة ظفار كيف كان العلاج لتلك المشكلة و كيف تم تسريح أولائك الشباب من أعمالهم و علمنا أن بعضهم كان مديونا ونتيجة لفقدانه وظيفته دخل السجن،وعرفنا كيف تكاتف المجتمع و جمعت التبرعات وتم دفع الدين بحيث أصبح عدد هائل من أفراد المجتمع على علم بالقضية و متضرر من القرارات التي اتخذت ضد هؤلاء الشباب و حزينين لما آل له حالهم.ثم تكررت تلك الظاهرة و تكررت المعالجة السيئة لها فكان النتيجة أن الثقة بالمسؤولين و الجهات الرسمية و الشيوخ أصبحت في حالة يرثى لها.
عندما وصلت رسائل المعتصمين حاليا لجلالة السلطان-حفظه الله- كانت المعالجة و الاستجابه سريعة و أكبر مما توقع حتى الشباب أنفسهم فتضاعفت ثقة الشباب بجلالة السلطان وأخذت تتضاعف يوما بعد يوم من خلال مجموعة المراسيم و التوجيهات الصادرة من لدن جلالته –أبقاه الله- و لذلك رفضوا الوساطات التي عرضت أن تكون جزء من الحلول الوسطى وباتوا يعتقدون أن إذا فكوا اعتصاماتهم سيفقدون حالة التواصل المباشرة مع مصدر الثقة الوحيد لديهم و هو جلالة السلطان –حفظه الله- ولذلك فهم يقولون نحن باقون حتى تتحق جميع المطالب لأنهم يعتقدون أنهم لو عادوا فسوف تحال مطالبهم لمن لا يثقوا بهم و لمن تسببوا في ضياع مستقبل من أقدم قبلهم على الاعتصام.
حسنا الآن المشكلة لا تكمن في الاعتصام السلمي و فكه أو الإبقاء عليه بل تكمن في أمرين غاية في الخطورة:
- احتمالية تكراره وبصورة ربما أقوى وأكثر ضررا و عنفا.
- الوضع المضطرب في العالم العربي و إمكانية توفير بيئة خصبة للفوضى.
بسهولة جدا جدا و أكثر مما يتوقع الكثيرين يمكن أن تفك هذه الاعتصامات لكن فك الاعتصامات دون حلول جذرية للمشكلة سترسخ في أذهان الشباب أن لا فائدة و لا جدوى من الاعتصامات السلمية كما رسخت في أهانهم من حادثة الميناء و غيرها أن لا فائدة من فك الاعتصام فالحلول بعده تأتي أشبة ما تكون بالانتقامية -وهذا جيل عنيد و ليس سلبيا- فسيعمل على رفع سقف المطالب و بشكل أكثر تنظيم و أكثر ضرر و عدوانية و قد يحدث ما لا يحمد عقباه،وأعتقد أن صانعي القرار يدركون ذلك لذلك يريدون حلولا نهائية لا مؤقتة و هنا دائما تكمن الحكمة العمانية.
لكن ربما يغيب عن بال المعتصمين أن الوضع الحالي في الجزيرة العربية يستدعي أن نمنح حكومتنا الوقت الكافي فلو أسقطت الحكومة في اليمن و نحن على مرمى حجر منها ستشيع حالة من الفوضى هناك و سنتضرر بشكل أو بأخر ففي حرب اليمن الأخيرة نزح آلاف اليمنين إلينا و ليس الأسر و الأطفال فقط بل كان من بينهم مهربي السلاح و المخدرات ولأن الوضع لدينا كان مستقرا و هادئا فقط قامت و حدات الجيش و الأمن بحفظ الحدود و منع دخول الكثير منهم و لكن لأن في المقابل الجيش اليمني على الحدود اليمنية يكاد أن يكون غير متواجد فقد استطاع عدد لا يستهان به من اللاجئين الصوماليين من الدخول لأراضينا و الكارثة أنهم دخلوا مسلحين وشكلوا عصابات شرسة تهدد أمننا و أماننا ولأن الحالة العمانية كانت متعافية فقد قام الجيش السلطاني بمساندة قوات الفرق الوطنية و المواطنين بتدارك المشكلة وتطهير البلاد.والخطورة الأخرى تكمن في وجود تيارات تقوم على أفكار وتسعى لنشر أفكارها تلك وتحاول الدخول تاريخيا عن طريقنا (و لن أفصل أكثر) و لكن في النهاية دائما المواطن البسيط هو المتضرر فهو الذي يفقد أمنه و قوت عياله وسنحتاج من الوقت سنين و سنين حتى نتعافى منه و من جراحه.
ما تحقق حتى الآن الكثير و الجميع بات يعلم أن الشباب قوة لا يمكن الاستهانة أو الاستخفاف بها الاستمرار لن يجني فوائد بالقدر الذي سيسبب كوارث ولذلك نرجو أن تمنح الحكومة الوقت الكافي ببادرة من الشباب المعتصمين و أن تقدم كذلك الحلول التي تضمن للوطن أن لا رجوع للوراء.
الاعتصامات لدينا في سلطنة عمان مختلفة تماما عن باقي الدول العربية وربما هذا ينطلق من خصوصيتنا التي نفخر بها دائما، العمانيون المعتصمون حاليا لا يحملون أية أهداف سياسية بل كما أوضح المعتصمون أنفسهم هي إعتصامات لأجل مطالب اقتصادية و اجتماعية في المقام الأول.لكنها أتت في اطار سياق إقليمي و دولي ساخط فاختلط على بعض من غير العمانيين الأمر. أللافت للانتباه أن هناك حالة من ضعف في الثقة وربما انعدامها لدى فئة الشباب في كل من ينتسب لمجلس الوزراء و الإعلام العماني و المثقفين وحتى علماء الدين.
لذلك على الرغم من علم الجميع بعدم ضلوعهم مطلقا في ما حصل إلا أن الغريب أن الجميع حاول ركوب الموجة و الظهور بمظاهر شتى و في كل تلك المراحل للظهور كان الشماعة التي سوف تعلق عليها الأخطاء شخوص الوزراء و ليس الوزارات وهنا يكمن الفرق،أي أن الشباب للأسف دون أن يشعروا استدرجوا بطريقة مقيتة لأن تكون حربهم مع شخص الوزير الفلاني أو غيره و عندما نقول الوزير لا الوزارة فإنا نقصد الشخص لا القوانين المُسيرة و السياسات المتبعة في مجال ما،لذلك خرجت تلك المطالب في كثير من الأحيان عن فائدة حقيقية تذكر لا على المدى القريب و لا البعيد ربما.وهذه شرك وقع فيه المعتصمين.
ظهر أيضا شيء من عدم نقل الحقائق أو ربما عدم الوعي بها بحيث صور أن بخروج فلان و إحلال فلان سوف يعود المعتصمون لبيوتهم وهي أقرب إلى حالة من تصفية الحسابات الشخصية وأبعد ما تكون عن حل للمشكلة الأساسية نحن الآن وبهذه الطريقة أبعد ما نكون عن الضبط و أقرب للارتجال.والمشكلة أن نريد أن نجعل كل أمورنا اجتهادات وعندما نترك مصيرنا للاجتهاد فيجب أن نضع في الحسبان أن المجتهد قد يُصيب و قد يخطي أي أنّا عرضة لأن يخطئ بنفس مقدار أن يصيب وربما بدرجة أكبر.وأيضا في المقابل لم تدرس الحقائق على اساس جميع المعطيات السابقة،وإنما ربط الحالي بالحالة العربية و تم التجاهل على الأقل على الساحة الثقافية العامة أن هذه الظاهرة وجدت في عمان قبل سنوات من الآن على أقل تقدير لدينا في محافظة ظفار قبل أعوام قريبة قام العمال العمانيين في ميناء صلالة باعتصام مطالبين بتحسين أوضاعهم و شوهِدت السفن ترسو دون تحميل أو شحن و حركة الميناء كانت إلى حد ما شبه متوقفة،كما شاهدنا جميعا في محافظة ظفار كيف كان العلاج لتلك المشكلة و كيف تم تسريح أولائك الشباب من أعمالهم و علمنا أن بعضهم كان مديونا ونتيجة لفقدانه وظيفته دخل السجن،وعرفنا كيف تكاتف المجتمع و جمعت التبرعات وتم دفع الدين بحيث أصبح عدد هائل من أفراد المجتمع على علم بالقضية و متضرر من القرارات التي اتخذت ضد هؤلاء الشباب و حزينين لما آل له حالهم.ثم تكررت تلك الظاهرة و تكررت المعالجة السيئة لها فكان النتيجة أن الثقة بالمسؤولين و الجهات الرسمية و الشيوخ أصبحت في حالة يرثى لها.
عندما وصلت رسائل المعتصمين حاليا لجلالة السلطان-حفظه الله- كانت المعالجة و الاستجابه سريعة و أكبر مما توقع حتى الشباب أنفسهم فتضاعفت ثقة الشباب بجلالة السلطان وأخذت تتضاعف يوما بعد يوم من خلال مجموعة المراسيم و التوجيهات الصادرة من لدن جلالته –أبقاه الله- و لذلك رفضوا الوساطات التي عرضت أن تكون جزء من الحلول الوسطى وباتوا يعتقدون أن إذا فكوا اعتصاماتهم سيفقدون حالة التواصل المباشرة مع مصدر الثقة الوحيد لديهم و هو جلالة السلطان –حفظه الله- ولذلك فهم يقولون نحن باقون حتى تتحق جميع المطالب لأنهم يعتقدون أنهم لو عادوا فسوف تحال مطالبهم لمن لا يثقوا بهم و لمن تسببوا في ضياع مستقبل من أقدم قبلهم على الاعتصام.
حسنا الآن المشكلة لا تكمن في الاعتصام السلمي و فكه أو الإبقاء عليه بل تكمن في أمرين غاية في الخطورة:
- احتمالية تكراره وبصورة ربما أقوى وأكثر ضررا و عنفا.
- الوضع المضطرب في العالم العربي و إمكانية توفير بيئة خصبة للفوضى.
بسهولة جدا جدا و أكثر مما يتوقع الكثيرين يمكن أن تفك هذه الاعتصامات لكن فك الاعتصامات دون حلول جذرية للمشكلة سترسخ في أذهان الشباب أن لا فائدة و لا جدوى من الاعتصامات السلمية كما رسخت في أهانهم من حادثة الميناء و غيرها أن لا فائدة من فك الاعتصام فالحلول بعده تأتي أشبة ما تكون بالانتقامية -وهذا جيل عنيد و ليس سلبيا- فسيعمل على رفع سقف المطالب و بشكل أكثر تنظيم و أكثر ضرر و عدوانية و قد يحدث ما لا يحمد عقباه،وأعتقد أن صانعي القرار يدركون ذلك لذلك يريدون حلولا نهائية لا مؤقتة و هنا دائما تكمن الحكمة العمانية.
لكن ربما يغيب عن بال المعتصمين أن الوضع الحالي في الجزيرة العربية يستدعي أن نمنح حكومتنا الوقت الكافي فلو أسقطت الحكومة في اليمن و نحن على مرمى حجر منها ستشيع حالة من الفوضى هناك و سنتضرر بشكل أو بأخر ففي حرب اليمن الأخيرة نزح آلاف اليمنين إلينا و ليس الأسر و الأطفال فقط بل كان من بينهم مهربي السلاح و المخدرات ولأن الوضع لدينا كان مستقرا و هادئا فقط قامت و حدات الجيش و الأمن بحفظ الحدود و منع دخول الكثير منهم و لكن لأن في المقابل الجيش اليمني على الحدود اليمنية يكاد أن يكون غير متواجد فقد استطاع عدد لا يستهان به من اللاجئين الصوماليين من الدخول لأراضينا و الكارثة أنهم دخلوا مسلحين وشكلوا عصابات شرسة تهدد أمننا و أماننا ولأن الحالة العمانية كانت متعافية فقد قام الجيش السلطاني بمساندة قوات الفرق الوطنية و المواطنين بتدارك المشكلة وتطهير البلاد.والخطورة الأخرى تكمن في وجود تيارات تقوم على أفكار وتسعى لنشر أفكارها تلك وتحاول الدخول تاريخيا عن طريقنا (و لن أفصل أكثر) و لكن في النهاية دائما المواطن البسيط هو المتضرر فهو الذي يفقد أمنه و قوت عياله وسنحتاج من الوقت سنين و سنين حتى نتعافى منه و من جراحه.
ما تحقق حتى الآن الكثير و الجميع بات يعلم أن الشباب قوة لا يمكن الاستهانة أو الاستخفاف بها الاستمرار لن يجني فوائد بالقدر الذي سيسبب كوارث ولذلك نرجو أن تمنح الحكومة الوقت الكافي ببادرة من الشباب المعتصمين و أن تقدم كذلك الحلول التي تضمن للوطن أن لا رجوع للوراء.