سألتني ذات مرة إحدى الصديقات التي منذ أيام الدراسة الثانوية تسعى لإقناعي بأني يمكنني أن أكون أكثر فاعليه وتأثيرا مما أنا عليه،وكثيرا ما أزعجتني باتهامها لي بالانطوائية والانغلاق وربما أحيانا التخلف والعزلة،وقد سألتني قائلة:-
ماذا تريدي أن تكوني؟!
فأجبتها لا أريد سوى أن أكون أنا،لست كما تعتقدين ولا كما يعتقد غيرك،ولست مثل أحد ولا أحد مثلي، ولا أحلم بأكثر من أن استطيع أن أكون أنا!!!
صدقوني لقد أصبح من الصعب في عالم بات معقد يطرد الفطرة والسليقة أن تكون أنت أنت،وأن يكون رأيك هو ما تؤمن به!!، حتى مع من تحبهم وتثق بهم يجب أن تخفي مخاوفك وتغلف أرائك وتفكر ألف مرة قبل أن تفضي لهم ببعض هواجسك، يجب أن تعيش وتتعامل مع الجميع وكأنهم مسألة رياضيات تستفرغ لها كل ذهنك وجوارك و تعطل قلبك ومشاعرك، و إلا فالويل لك لا أحد يغفر و لا أحد يعقل أن يكون ما تقول خارج بفطرة عفوية ليس المقصود به التجريح أو البت، و ما هو سوى رأي آني أو انفعال مؤقت،وكيف يمكن أن تكون تصرفاتك بفطرة بريئة وأنت ذكي؟!
وعجبا لأمر قومٍ الذكاء لديهم مقرون بالخبث!!،والانهزامية بالطيبة!!، ثم نقول لماذا الأذكياء لدينا لا يقدمون شيء للبلاد؟ ولماذا لا نتقدم؟
إذا أصبح المجتمع لا يحتضن من الأذكياء سوى الخبثاء، ومن الطيبين سوى الانهزاميين، فسنبقى في القاع والدرك الأسفل دائما وهذه حقيقة يجب أن ندركها.
السياسيون العرب ولكم أن تلاحظوا ذلك في شاشات التلفاز لا يترجلون من سياراتهم السوداء الفخمة حتى يأتي أحد الحرس ذو هيبة يفتح الباب،لكن في المقابل لاحظوا أن زعماء الدول العظمى يفتح أحدهم لنفسه باب السيارة،ليخرج مبتسما وينطلق ممازحا وضاحكا مع من حول من صحفيين وحرس وساسة.
ببساطة لأنه من مجتمع لا يحب العقد،لو أن أحد قادتنا فعل ذلك هل تحسبون أن المجتمع سيرحب به وسيهلل لتصرفه لا و ألف لا. سيقال تصرف بسخف و بدى وكأنه أهبل.
تغيير المجتمع يبدأ من تغيير أنفسنا بل وتغير العالم بأسره أساسه نحن،دعونا نرحب بالذكاء دون خبث ودون عقد،ودعوا كل واحد منا يسعى لأن يكون نفسه دون عقد وبذكاء وتخيلوا معي كيف سيكون مجتمعنا؟وكيف سنكون؟
فكرت أن أكتب ذات مرة مقال عن ضرورة دمج الكليات الجامعية الحكومية في محافظة ظفار في جامعة حكومية أهلية،ثم احتفظت بالمقال ولا زال محفوظا في جهاز حاسوبي لأني مارست الرقابة على نفسي ولم يمارسها أحد علي وأنا هنا أقصد الرقابة الغير حميدة، الرقابة التي تمنعك من أن تكون أنت،الرقابة التي تحد من دعوى الإبداع، الرقابة التي تعيق انطلاق أفكارك البناءة،لقد خفت بأن تفهم الدعوى بأنها دعوى فئوية وإقليمية وتجزئيه،وبالطبع قتيلةٌ هي الأفكار التي نحاصرها بالمخاوف،فلم يقل لي أحد ذلك ولكني استشفيته من المجتمع،وقد قدمت للمقال بأن القانون المعمول به لدينا لا يعطي خصوصية لمنطقة على منطقة ولا يمنح أبناء المنطقة المقامة فيها الجامعة أولوية في الحصول على مقعد جامعي، ولم أكن بحاجة لذكر ذلك لو لم نكن حقيقة نعاني أزمة حقيقية سببها نحن كأفراد في هذا المجتمع،وأنا على يقين لو دعى أحد سكان أي منطقة أخرى في عمان مثل هذه الدعوى لقدم لها كما قدمت أنا!!!
لا يستطيع أحد منا أن يكون "هو" لماذا؟ لأن مجتمعنا يحتضن الأذكياء الخبثاء ويتبعهم ويسير في ركب أفكارهم المحمومة.
لازلت معجبة بترصف المفتش العام للشرطة والجمارك الذي تقدم بشكوى باسم جهاز الشرطة ضد صحفي كتب في مقال أن بعض عناصر الشرطة يتلاعبون بالمخالفات المرورية بحيث يحولون الغرامات على أسماء أخرى،لقد اعجبني كثيرا لأني اليوم سأقول لأي مسؤول إن أعلى لقب مدني في الحكومة بعد السلطان هو معالي،وأعلى رتبة عسكرية سمعت بها هي فريق مع ذلك فمعالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك أشتكى مثل أي مواطن، من يريد أن يعترض على أي عمل لا يروق لمزاجه من أصحاب المعالي فليتقدم بشكواه فالفيصل اليوم في وطني هو القانون، ولكن أذكياؤنا الخبثاء اعتبروا تصرفه خطأ و قرعوا الطبول فرقص خلفهم مدعي الذكاء،هناك أمثله كثيرة في مجتمعنا تدل على أننا كأفراد في هذا المجتمع ننساق بسهوله للأذكياء الخبثاء ونعظمهم ونجري خلفهم دون أن نفكر، لا نمنح أنفسنا فرصة التفكير بأن نكون نحن!!!
يقال أن هناك أعمال أدبية و مشاريع ثقافية منعت بسبب أن لجنة معينة في جهة معينة مارست عليها مقص الرقيب أو فردا بعينة كان هو مقص الرقيب ، و هذا الأمر ليس لدينا فقط بل في كل دول العالم العربي،ولي في ذلك تجربة خارج عُمان، لقد شَّخص لي أحد أساتذتي ذلك مبررا و معتذرا بقوله: مشكلتنا أننا نريد أن نبرهن للملك أننا ملكيين أكثر من الملك نفسه!!!
أضع نفسي موضع أولائك الرقباء وأتخيل كيف يفكرون،أكاد أجزم بأغلظ الأيمان أنهم يتحضرون رقيبهم المحموم،قبل يستحضروا عقولهم وتحليلهم لما لديهم من نصوص ومشاريع،فيقولون هذا سيغضب فلان وهذا سيزعج علان،حتى لو كانوا مقتنعين بعكسه تماما،ثم لابد أنهم يقولون لو سمحنا به ربما نلام، ولو منعناه لسلمنا من الخطأ واللوم، فلا يحتارون و يتردون في المنع!!! و لو كانوا وقعوا في الحيرة العملية لأحالوا الأمر للجنة استشاريه تخصصية،لكن الرقباء لدينا لا يحتارون أبدا يتخذون القرارات الفورية.
وصدقوني لا يحق لنا أن نلومهم، فنحن كمجتمع بأكمله رغم كل المساعي الحثيثة التي بدأت من السبعين إلى الآن في التعليم والتنوير لايزال الفرد لدينا يعاني عقدا داخليه تمنعه من أن يكون نفسه،و السبب الأساسي هي طريقتنا في التربية والتنشئة، لا ندرب الصغار منذ نعومة أظافرهم على أن يقتنعوا بالأفكار بل نورثهم إياها،فيطبقونها دون وعي مسيئين لها ولنا عندما يكبرونا، لذلك فالمجتمع لدينا يعج بصنفين من الشباب،شباب تابع طيع سهل الانصياع والانقياد دون عقل أو تفكير،وصنف أخر متمرد و ناقم على كل مورث و معتقد،و أيضا دون عقل أو تفكير!!
ماذا تريدي أن تكوني؟!
فأجبتها لا أريد سوى أن أكون أنا،لست كما تعتقدين ولا كما يعتقد غيرك،ولست مثل أحد ولا أحد مثلي، ولا أحلم بأكثر من أن استطيع أن أكون أنا!!!
صدقوني لقد أصبح من الصعب في عالم بات معقد يطرد الفطرة والسليقة أن تكون أنت أنت،وأن يكون رأيك هو ما تؤمن به!!، حتى مع من تحبهم وتثق بهم يجب أن تخفي مخاوفك وتغلف أرائك وتفكر ألف مرة قبل أن تفضي لهم ببعض هواجسك، يجب أن تعيش وتتعامل مع الجميع وكأنهم مسألة رياضيات تستفرغ لها كل ذهنك وجوارك و تعطل قلبك ومشاعرك، و إلا فالويل لك لا أحد يغفر و لا أحد يعقل أن يكون ما تقول خارج بفطرة عفوية ليس المقصود به التجريح أو البت، و ما هو سوى رأي آني أو انفعال مؤقت،وكيف يمكن أن تكون تصرفاتك بفطرة بريئة وأنت ذكي؟!
وعجبا لأمر قومٍ الذكاء لديهم مقرون بالخبث!!،والانهزامية بالطيبة!!، ثم نقول لماذا الأذكياء لدينا لا يقدمون شيء للبلاد؟ ولماذا لا نتقدم؟
إذا أصبح المجتمع لا يحتضن من الأذكياء سوى الخبثاء، ومن الطيبين سوى الانهزاميين، فسنبقى في القاع والدرك الأسفل دائما وهذه حقيقة يجب أن ندركها.
السياسيون العرب ولكم أن تلاحظوا ذلك في شاشات التلفاز لا يترجلون من سياراتهم السوداء الفخمة حتى يأتي أحد الحرس ذو هيبة يفتح الباب،لكن في المقابل لاحظوا أن زعماء الدول العظمى يفتح أحدهم لنفسه باب السيارة،ليخرج مبتسما وينطلق ممازحا وضاحكا مع من حول من صحفيين وحرس وساسة.
ببساطة لأنه من مجتمع لا يحب العقد،لو أن أحد قادتنا فعل ذلك هل تحسبون أن المجتمع سيرحب به وسيهلل لتصرفه لا و ألف لا. سيقال تصرف بسخف و بدى وكأنه أهبل.
تغيير المجتمع يبدأ من تغيير أنفسنا بل وتغير العالم بأسره أساسه نحن،دعونا نرحب بالذكاء دون خبث ودون عقد،ودعوا كل واحد منا يسعى لأن يكون نفسه دون عقد وبذكاء وتخيلوا معي كيف سيكون مجتمعنا؟وكيف سنكون؟
فكرت أن أكتب ذات مرة مقال عن ضرورة دمج الكليات الجامعية الحكومية في محافظة ظفار في جامعة حكومية أهلية،ثم احتفظت بالمقال ولا زال محفوظا في جهاز حاسوبي لأني مارست الرقابة على نفسي ولم يمارسها أحد علي وأنا هنا أقصد الرقابة الغير حميدة، الرقابة التي تمنعك من أن تكون أنت،الرقابة التي تحد من دعوى الإبداع، الرقابة التي تعيق انطلاق أفكارك البناءة،لقد خفت بأن تفهم الدعوى بأنها دعوى فئوية وإقليمية وتجزئيه،وبالطبع قتيلةٌ هي الأفكار التي نحاصرها بالمخاوف،فلم يقل لي أحد ذلك ولكني استشفيته من المجتمع،وقد قدمت للمقال بأن القانون المعمول به لدينا لا يعطي خصوصية لمنطقة على منطقة ولا يمنح أبناء المنطقة المقامة فيها الجامعة أولوية في الحصول على مقعد جامعي، ولم أكن بحاجة لذكر ذلك لو لم نكن حقيقة نعاني أزمة حقيقية سببها نحن كأفراد في هذا المجتمع،وأنا على يقين لو دعى أحد سكان أي منطقة أخرى في عمان مثل هذه الدعوى لقدم لها كما قدمت أنا!!!
لا يستطيع أحد منا أن يكون "هو" لماذا؟ لأن مجتمعنا يحتضن الأذكياء الخبثاء ويتبعهم ويسير في ركب أفكارهم المحمومة.
لازلت معجبة بترصف المفتش العام للشرطة والجمارك الذي تقدم بشكوى باسم جهاز الشرطة ضد صحفي كتب في مقال أن بعض عناصر الشرطة يتلاعبون بالمخالفات المرورية بحيث يحولون الغرامات على أسماء أخرى،لقد اعجبني كثيرا لأني اليوم سأقول لأي مسؤول إن أعلى لقب مدني في الحكومة بعد السلطان هو معالي،وأعلى رتبة عسكرية سمعت بها هي فريق مع ذلك فمعالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك أشتكى مثل أي مواطن، من يريد أن يعترض على أي عمل لا يروق لمزاجه من أصحاب المعالي فليتقدم بشكواه فالفيصل اليوم في وطني هو القانون، ولكن أذكياؤنا الخبثاء اعتبروا تصرفه خطأ و قرعوا الطبول فرقص خلفهم مدعي الذكاء،هناك أمثله كثيرة في مجتمعنا تدل على أننا كأفراد في هذا المجتمع ننساق بسهوله للأذكياء الخبثاء ونعظمهم ونجري خلفهم دون أن نفكر، لا نمنح أنفسنا فرصة التفكير بأن نكون نحن!!!
يقال أن هناك أعمال أدبية و مشاريع ثقافية منعت بسبب أن لجنة معينة في جهة معينة مارست عليها مقص الرقيب أو فردا بعينة كان هو مقص الرقيب ، و هذا الأمر ليس لدينا فقط بل في كل دول العالم العربي،ولي في ذلك تجربة خارج عُمان، لقد شَّخص لي أحد أساتذتي ذلك مبررا و معتذرا بقوله: مشكلتنا أننا نريد أن نبرهن للملك أننا ملكيين أكثر من الملك نفسه!!!
أضع نفسي موضع أولائك الرقباء وأتخيل كيف يفكرون،أكاد أجزم بأغلظ الأيمان أنهم يتحضرون رقيبهم المحموم،قبل يستحضروا عقولهم وتحليلهم لما لديهم من نصوص ومشاريع،فيقولون هذا سيغضب فلان وهذا سيزعج علان،حتى لو كانوا مقتنعين بعكسه تماما،ثم لابد أنهم يقولون لو سمحنا به ربما نلام، ولو منعناه لسلمنا من الخطأ واللوم، فلا يحتارون و يتردون في المنع!!! و لو كانوا وقعوا في الحيرة العملية لأحالوا الأمر للجنة استشاريه تخصصية،لكن الرقباء لدينا لا يحتارون أبدا يتخذون القرارات الفورية.
وصدقوني لا يحق لنا أن نلومهم، فنحن كمجتمع بأكمله رغم كل المساعي الحثيثة التي بدأت من السبعين إلى الآن في التعليم والتنوير لايزال الفرد لدينا يعاني عقدا داخليه تمنعه من أن يكون نفسه،و السبب الأساسي هي طريقتنا في التربية والتنشئة، لا ندرب الصغار منذ نعومة أظافرهم على أن يقتنعوا بالأفكار بل نورثهم إياها،فيطبقونها دون وعي مسيئين لها ولنا عندما يكبرونا، لذلك فالمجتمع لدينا يعج بصنفين من الشباب،شباب تابع طيع سهل الانصياع والانقياد دون عقل أو تفكير،وصنف أخر متمرد و ناقم على كل مورث و معتقد،و أيضا دون عقل أو تفكير!!
لو كل منا قرر و قال سأكون "أنا" والأنا قابله للخطأ، وقادرة على الاعتراف به و مراجعة النفس،و إعادة بناء الذات سنتخلص من كثير من المشاكل التي نحسبها قانونية أو سياسية أو اجتماعية وهي في الأساس سببها أن أحدنا عجز عن أن يكون نفسه.